وسيلة للتعالي والاستفادة منها للاغراض الشخصية ، حتى أنّه أُشير لهذا الأمر في بعض الآيات المباركة في القرآن الكريم ، قبل الروايات الإسلامية ، إذ نقرأ في قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤْدُّوا الامَانَاتِ الى أَهْلِهَا وَاذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ). (النساء / ٥٨)
وقد ورد في نهاية هذه الآية في كتب التفسير والحديث روايات متعددة على أن المراد بالامانة ، هو الولاية والحكومة ، وعلى رأس ذلك ولاية الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ومن ذلك ما نقرأه في إحدى الروايات الواردة في تفسير الآية الآنفة :
«يعني الإمامة ، والإمامة الامانةُ»! (١)
وينقل في كتاب دعائم الإسلام أيضاً في حديثٍ عن الإمام عليّ عليهالسلام أنّه كتب إلى «رفاعة» قاضي الأهواز مايلي :
«إعلم يا رفاعة ، أنَّ هذه الامارة أمانة ، فمن جعلها خيانةً فعليه لعنةُ الله إلى يومِ القيامةِ ، ومن استعملَ خائناً فإنّ محمداً صلىاللهعليهوآله بريءٌ منه في الدنيا والآخرة» (٢).
وينقل في تفسير الدر المنثور عن الإمام عليّ عليهالسلام أيضاً أنّه قال :
«حقّ على الإمام أن يحكمَ بما انزلَ اللهُ وأن يؤدّيَ الأمانةَ ، فاذا فَعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وان يطيعوا وأن يجيبوا إذا دُعوا» (٣).
ونطالع في نهج البلاغة أيضاً ، أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال في كتابه إلى والي آذربايجان :«وإنّ عملك ليس لك بطعمةٍ ولكنه في عنقك امانة» (٤).
ومن البديهي أنّ هذه الروايات لا تحجّم المفهوم الواسع للآية التي توصي بالمحافظة على جميع الامانات ، بل وكما هو واضح لدينا فإنّها تمثل المصداق الواضح للامانة الإلهيّة.
وممّا لا شك فيه أيضاً أنّ الذي ينظر إلى هذه المناصب بعين الأمانة الإلهيّة ، فإنّ اسلوبه
__________________
(١) نُقل في تفسير البرهان سبع روايات على الأقل في هذا المجال ، وتلاحظ في كتاب بحار الأنوار أيضاً في الجزء ٢٣ و ٦٧ ، و ١٠٢ (في الصفحات ٣٨٠ ، و ٢٨٠ ، و ٢٥٣ على التوالي) ، روايات متعددة بهذا الشأن.
(٢) دعائم الإسلام ، ج ٢ ، ص ٥٣١.
(٣) تفسير الدر المنثور ، ج ٣ ، ص ١٧٥.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ٥.