٣ ـ في الحكومة الإسلامية وبشكل عام يجب أن تلقي الروح المعنوية والقيم الاخلاقية بظلالها على جميع الامور ، وأن تأتي المسائل الاخلاقية والإنسانية على رأس قائمة الاعمال ، ويجب أن تكون الدوافع أبعد بكثير من الدوافع الماديّة ، أوليس الهدف النهائي من تشكيل الحكومة والحياة الأفضل إنّما يتمثل في توفير المقدمات اللازمة للسير إلى الله والقرب من الباري وايجاد التكامل الروحي والمعنوي؟!
فهل يمكن أن تتساوى هذه الأهداف والدوافع مع أهداف ودوافع الشعب والعاملين في حكومة ماديّة؟
طبعاً لغرض الوصول إلى تحقق حكومة إلهيّة تامة وكاملة ، لابدّ أن نطوي طريقاً طويلاً وشاقاً ، ولابدّ من اعطاء دروس كثيرة للمجتمع ، ولكن مهما يكن الحال فإنّ محتوى هذه الحكومة قياساً للحكومات المادية ، من حيث العنصر الثقافي «متفاوت» للغاية بل و «متباين» أيضاً.
* * *
ومن خلال هذا التحليل ننتقل إلى الآيات القرآنية المباركة ، ومن ثم إلى الروايات الإسلامية ، لغرض الوقوف على الثقافة الحاكمة على المحاور المختلفة للحكومة الإسلامية ومناقشتها :
١ ـ نقرأ في قوله تعالى :
(فَبَما رَحْمةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَولِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمرِ فَاذِا عَزَمْتَ فَتَوكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّليِنَ). (آل عمران / ١٥٩)
وبناءً على ذلك فإنّ الحاكم الإسلامي وبالاضافة إلى الحزم والعزم الشديدين ، فهو مطالب ومكلف بالعفو والصفح ، وحتى الاستغفار واللين والانسجام ، وأن يرى في الله تعالى السند والملاذ الأول والأخير في كل حال من الأحوال.
٢ ـ وفي سورة فصلت المباركة يأمر الباري تعالى بغسل العداوة والبغضاء بماء المحبة