والاحسان ، وتلافي مواجهة الأحبّة بالمثل كلما أمكن ذلك ، إذ يقول تعالى : (إِدْفَعْ بالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَاذِا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ). (فصلت / ٣٤)
إنّ سيطرة مثل هذه الثقافة على النظام الإسلامي التنفيذي والتي تقف على نقيض الثقافة المادية تضفي عليه نورانية وصفاءً ، وتعطي له معنىً ومفهوماً آخرين.
٣ ـ ويقول تعالى في سورة الكهف المباركة تجاه اصرار الذين يعتقدون بأنّ واجب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أن يُبعد الفقراء وإن كانوا مؤمنين ومخلصين ، ويقترب من الطبقات الغنية والمتنفذة ، إذ تقول الآية بكل صراحة وحزم :
(واصْبرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَّبّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْههُ وَلاتَعْدُ عَينَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلَا تُطِعْ مَنْ أغْفَلنْا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً). (الكهف / ٢٨)
وشتان بين هذا المنطق الذي يرى في الحب والإيمان بالله تعالى لدى هؤلاء الأفراد أثمن وأغلى شيء لديهم ، ويأمر بصد الأغنياء الغافلين عن ذكر الله ، وليس الفقراء المخلصين المؤمنين ، وبين منطق الذين يعلنون اليوم بكل صراحة في العالم ، بأنّ القيمة العليا تكمن في المصالح والمنافع المادية ، ويضحّون بجميع القيم الاخرى في سبيل تلك المصالح.
٤ ـ وتخاطب سورة ص وبلهجة حازمة وشديدة ، النبي داود عليهالسلام :
(يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله). (ص / ٢٦)
وكما نرى ، فإنّ الآية الكريمة تنذر هذا النبي المعصوم والقدوة للنّاس بأن يحذر وساوس النفس الأمارة ، لئلا تصبح سبباً لانحرافه عن طريق الحق والعدالة.
وعلى هذا الأساس ، يجب على الحاكم الأسلامي أن يراقب نفسه جيداً ويحذر من الأهواء والدوافع الدنيوية والحبّ والبغض أن تتحكم في أعماله وتصرفاته فيضيع بها حقاً أو يرتكب باطلاً ، وما أشد ما اختلف هذا الميزان للحاكم مع من يقول إنّ القاضي يعتبر