١ ـ نقرأ في قوله تعالى :
(انِ الْحُكْمُ الَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِيْنَ). (الأنعام / ٥٧)
وقد جاء صدر هذه الآية الشريفة (انِ الْحُكْمُ الَّا لِلَّهِ) في سورة يوسف الآية ٤٠ كذلك. ويمكن أن يكون ما جاء في سورة يوسف له مفهوم أوسع بحيث يشمل الحكومة والقضاء ، ولكن ما جاء في الآية المذكورة فيه إشارة أقوى إلى القضاء وحل الاختلافات بقرينة ذيل الآية الكريمة ، وقد أشار إلى هذا المعنى مجموعة من المفسرين :
أمثال الطبرسي في مجمع البيان والفخر الرازي في التفسير الكبير (١).
٢ ـ نقرأ في قوله تعالى :
(وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا انْزَلَ اللهُ فَاولَئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ... فَاولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ... فَاولَئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ). (المائدة / ٤٤ ـ ٤٥ ، ٤٧)
فهم كفّار لأنّهم خرجوا عن جادة التوحيد (توحيد الحاكمية) ، وظالمون لأنّهم ظلموا أنفسهم والآخرين وحُرموا من مصالح الأحكام القطعية وغرقوا في دوّامة مفاسد الأحكام الجاهلية ، وفاسقون لأنّهم خرجوا عن دائرة الطاعة ، والفسق كما تعلم هو الخروج عن طاعة المولى ، وهذه الآيات الشريفة لها مفهوم واسع كذلك بحيث يشمل الفتوى في الأحكام الإلهيّة ، ومسألة القضاء والتحكيم ، ومسألة الحكومة أيضاً ، فيجب أن تكون في كل من الأبعاد الثلاثة موافقة ومطابقة لحكم الله تعالى (لاحظ جيداً).
٣ ـ القرآن الكريم يعتبر كل حكم غير إلهي حكم طاغوت ، واتِّباعه يمثل السير على خطى الشيطان ، فيقول :
(الَمْ تَرَ الَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ انَّهُمْ آمَنُوا بِمَا انْزِلَ الَيْكَ وَما انْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُريدُونَ انْ يَتَحَاكَمُوا الَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ امِرُوا انْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُريدُ الشَيْطانُ انْ يُضِلَّهُمْ ضَلالَا بَعيداً). (النساء / ٦٠)
٤ ـ القرآن الكريم يعتبر أيضاً الأحكام التي تصدر عن مبدأ غير إلهي أحكاماً جاهلية،
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٣١٠ ؛ التفسير الكبير ، ج ١٣ ، ص ٧.