ومجالسها القضائية حتى يكتفي بمعرفة مواد القانون فقط والاقتصار على تلك المواد ، وهذا فرق واضح بين هذه المجالس والمجالس القضائية الإسلامية.
وبتعبير أوضح ، أنّ الاطلاع على الأحكام التي جاءت في تحرير الوسيلة (مثلاً) قد يكون عن طريق التقليد وقد يكون عن طريق الاجتهاد ، وإن كانت وظيفة القاضي على أي حال تطبيق هذه الأحكام في موارد الدعوى وتشخيص صاحب الحق عن غيره ، ولكن هناك فرق واضح بين ما إذا كان مطلعاً على أحكام تحرير الوسيلة عن طريق التقليد ، أم عن طريق الاجتهاد وتتبع جذور تلك الأحكام ومبانيها من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، فالإسلام يوحي بالطريق الثاني.
٢ ـ في النظم القضائية الحديثة ، يُكتفى بلياقة القاضي في حدود القضاء والحكومة فقط ، أمّا في الإسلام فإنّ هذا المقدار غير كافٍ ، بل لابدَّ أن يكون القاضي نزيهاً في كل المجالات ، إذ إنّ العدالة تعني الورع عن كل أنواع الذنب سواءً كان في دائرة المسائل القضائية ، أم في دائرة غير القضاء.
ومن الواضح أن هناك فرقاً كبيراً بين من يكون ورعاً في كل المجالات عن الذنب وبين من يكون ورعاً في مجال معين ودائرة ضيقة ، فاحتمال انحراف الثاني أكثر من احتمال انحراف الأول.
٣ ـ إذا قضى قاضي المجالس القضائية الحديثة بالحق دون أن يكون مطلعاً ، فإنّه لا يكون مسؤولاً ، بينما وكما أشرنا آنفاً فإنّ مثل هذا القاضي مسؤول أمام الله في نظر الإسلام ، فالوصول إلى الحق لا يكفي وحده لعدم تحمل المسئولية ، بل لابدّ أن يكون عن تحقيق واطلاع.
٤ ـ يعتبر الارتشاء في نظام القضاء الإسلامي ليس من الذنوب الكبيرة فحسب ، بل طبقاً لبعض الروايات فإنّه في حدِّ الكفر والشرك ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : «أمّا الرُّشا فِي الْحُكْمِ فَهُوَ الْكُفْرُ بِاللهِ» (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٨ ، ص ١٦٣ ، باب تحريم الرشوه ، ح ٨.