التعزيرات ، مع أنّ الأزواج قد امروا بمراعاة الاحتياط في إجراء هذا الحكم ، يقول عزوجل : (وَالَّلاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَانْ اطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً). (النساء / ٣٤)
والمراد بالناشزات أولئك النسوة اللاتي يمتنعن عن أداء وظائف الزوجية ، واللاتي تظهر فيهنَّ علامات عدم الوئام المختلفة (١).
ففي الآية أعلاه ، ذكرت ثلاثة أنواع من التعزير لمثل هؤلاء النسوة ، الأول : الوعظ والنصيحة (ويجب أن لا ننسى بأنّ الوعظ في كل مورد يعدُّ من مراتب التعزير ، لما له من الأثر الرادع) ، الثاني : الهجر والابتعاد عنهُنَّ في المضاجِع ، الثالث : العقاب البدني ، وكل من المرحلتين الثانية والثالثة إنّما تجري مع عدم نجاح المرحلة السابقة لها في التأثير.
فإن سُئلنا : هل يجري ذلك في الرجل إذا نشز وطغى؟
قلنا في الجواب : نعم! ولكن لما كان مثل هذهِ العقوبات خارجة عن طاقة النساء ، فإنّها أوكلت إلى الحاكم الشرعي ، فيكلف الحاكم بمعاقبة الرجال الناشزين بوعظهم ونصيحتهم أو ضربهم في موارده.
وقصة الرجل الذي أجحف بحق زوجته ولم يقبل الرضوخ إلى الحق فأجبره الإمام عليّ عليهالسلام على التسليم بكل الطرق حتى اضطر إلى تهديده بالسيف ، معروفة.
ومن هنا يتضح الجواب عن السؤال الذي قد يخطر في أذهان الكثير من الناس عند ذكر هذهِ الآية وهو : كيف يمكن أن يسمح الإسلام للرجال بضرب نسائهم ، في حين أنّ هذا الأمر يسيء إلى كرامة الإنسان وخصوصاً شريك الحياة ، وذلك :
«أولاً» : أنّ المراد من الضرب والعقاب البدني هنا ليس أن يأخذ الرجل السوط وينهال على زوجته ضرباً حتى يختلط لحمها بدمها ، ولا أن يضربها بكفّه على وجهها حتى يسودّ وجهها ، فإنّ كل ذلك غير جائز في شرع الإسلام المقدس ، بل وعليه الدّية لو فعل ذلك ، بل
__________________
(١) «نشوز» من مادة «نشز» على وزن «نذر» وفي الأصل بمعنى الأرض المرتفعة ، وإذا اطلق على أحد الزوجين كان معناه طغيان ذلك الزوج وامتناعه عن أداء وظيفته تجاه زوجه.