٥ ـ أوصي بأنّ تدفعوا للسجناء دراهم في كل شهر ، فإنّك إن أعطيتهم الخبز ذهب به ولاة السجن والقوام والجلاوزة فلايصل إليهم شيء.
«وهنا كشف أبو يوسف اللثام عن فساد ولاة السجون في زمان خلافة بني العباس واوضح ذلك بكل جلاء».
٦ ـ ووَلَّ رجلاً من أهل الخير والصلاح يثبت أسماء مَن في السجن فتجري عليهم الصدقة وتكون الأسماء عنده ويدفع ذلك إليهم شهراً بشهر ، يقعد ويدعو باسم رجل رجل ويدفع ذلك إليه في يده ويكون للأجراء عشرة دراهم في الشهر لكل واحد.
٧ ـ سمعت أنّ بعض السجناء يغلون بالسلاسل كي يتصدق عليهم الناس ، فإنّ هذا عظيم أن يكون قوم من المسلمين قد أذنبوا واخطأوا وقضى الله عليهم ما هم فيه فحبسوا يخرجون في السلاسل يتصدقون ، وما أظن أهل الشرك يفعلون هذا بأسارى المسلمين الذين في أيديهم فكيف ينبغي أن يفعل هذا بأهل الإسلام؟
وإنّما صاروا إلى الخروج في السلاسل يتصدقون لما هم فيه من جهد الجوع فربّما أصابوا مايأكلون وربّما لم يصيبوا «وهذه من المصائب الكبرى».
٨ ـ ومن مات منهم ولم يكن له ولي ولا قرابة يغسل ويكفن من بيت المال ويصلى عليه ويدفن.
وقد بلغني وأخبرني به الثقات أنّه ربّما مات منهم الميت الغريب فيمكث في السجن اليوم واليومين حتى يستأمر الوالي في دفنه وحتى يجمع أهل السجن من عندهم وما يتصدقون ويكنزون لمن يحمله إلى المقابر فيدفن بلا غسل ولا كفن ولا صلاة عليه ، فما أعظم هذا في الإسلام وأهله.
٩ ـ ولو أمرت بإقامة الحدود لقل أهل الحبس ولخاف الفساق وأهل الدعارة ولتناهوا عمّا هم عليه ، وإنّما يكثر أهل الحبس لقلة النظر في أمرهم ، فأمُر ولاتك جميعاً بالنظر في أمر المساجين ، فمن كان عليه أدب أُدب وأُطلق ، ومن لم يكن له قضية خلي عنه.
١٠ ـ وعليهم أن لا يسرفوا في الأدب ولا يتجاوزوا بذلك إلى ما لا يحل ولا يسع ، فإنّه