«الحسبة» : وهي احدى المناصب الإسلامية ، شأنها شأن منصب القضاء وللمحتسب حق ردع الناس عن القيام بالمنكرات ، وله حق الاشراف على التعزير والتأديب ، وأمر الناس بضرورة رعاية المصالح في المؤن ، ومنعهم من الوقوف في الطرقات ، ومراقبة شؤون النقل ، ومنع أصحاب السفن من تحميل السفينة أكثر من طاقتها ، وذلك حفاظاً على أموال وأرواح الناس ، ويأمر بإقامة وتعديل الجدران المشرفة على السقوط وكل شيء من شأنه تعريض المارة للخطر ، وكل شيء يلحق بهم الضرر ، ويمنع الغش والتدليس في الكسب والعمل ، ويأمر بمراعاة المكيال والميزان والاشراف على منع كل ما من شأنه أن يلحق الاذى والاجحاف بالناس.
وكل ما ذكر هو مسؤوليات القاضي ، ولكن لكون القاضي لا يستطيع ممارسة كل هذه الأعمال بشكل عملى ، لذا فُصلت هذه المسؤولية من مهامه ، وأصبحت مستقلة.
المتصدي لهذا المنصب أو المسؤول يجب أن يكون فرداً صالحاً ومن ذوي الوجاهة ، لأنّ هذه المسؤولية تمثل خدمة دينية «ومن دون هذه الوجاهة لا يمكنه القيام بهذه المسؤولية».
ورئيس امور الحسبة يقوم بتعيين ممثلين عنه في كافة المناطق ويستطيع أن يجلس كل يوم في أحد المساجد المهمّة ، ويقوم مُمثِّلوه يقومون بممارسة الأعمال المختلفة الملقاة على عاتقهم في الاشراف على المشاغل المختلفة والسوق.
وفي مصر ، كان رئيس امور الحسبة يجلس يوماً في مسجد القاهرة ويوماً في مسجد الفسطاط ، ويرسل ممثليه إلى الشوارع والأزقة لكي يقوموا بالاشراف على وضع اللحوم ومراكز الطبخ والأغذية ، وكذلك الاشراف على الحمولة التي تحملها الحيوانات ، حيث لا يسمحون تحميلها أكثر من طاقتها ، ويأمرون سقاة الماء بأن يغطوا أوانيهم بقطع من القماش ، وأن يراعوا الموازين الصحية والإسلامية في أعمالهم.
ويحذرون معلمي المدارس والمكاتب بأن لا يضربوا تلامذتهم ضرباً شديداً إذا ما أذنبوا ، وإذا ما ضربوهم فليتجنبوا المناطق الحساسة والخطرة من الجسم.