والمحتسب له حق الاشراف على محل ضرب العملة لكي لا يحصل الغش أثناء ضرب السكة فتخرج عن العيار المطلوب.
وفي الأندلس كان يسمى هذا المنصب لاخطة «الاحتساب» والمسؤول عنه أحد القضاة ، ويقوم هذا الشخص بركوب مركباً والتجوال في الأسواق يحيط به أعوانه وموظَّفوه ، ويحمل معه ميزان ليزن به الخبز ، فاذا كان أقل مِمّا هو مقرر فيعاقب البائع.
ويجب على القصاب أن يعلق قيمة للحومة في دكانه ، وذلك لكي لا يتلاعب بالاسعار.
وفي بعض الأحيان يقوم المحتسب بإرسال طفلٍ أو امرأة لكي يشتريا من السوق ، ويقوم المحتسب بوزن ما اشترياه ، فاذا راى نقصاً في الوزن فيقوم بمجازاة البائع.
هؤلاء ، لديهم قوانين واسعة لها علاقة بالحسبة يقومون بتدريسها في مدارسهم ، كما يدرس فقهاء الإسلام دروسهم (١).
ومن مجموع هذا الكلام والمطالب الاخرى المذكورة في الكتب المصنفة في «الحسبة» ، يظهر أنّ «دائرة الحسبة» كانت تتولى كثيراً من الأمور التي تتولاها اليوم الدوائر الحكومية كأمانة العاصمة والقوى الدّاخلية ، وقوى التعزيرات والغرامات الحكومية ، والتّربية والتعليم ، والقضاة ، وأنّها أحد أركان الحكومة الإسلاميّة الفعالة ، وخاصة في دورها الواضح والبارز في محاربة المنكرات ، ولذا فإنّ قصائد الشعراء تضمنّت مصطلح «المحتسب» ووظائفه بشكل موسع.
والمستفاد من مجموعة من المصادر أنّ القيام بوظيفة «المحتسب» كان من الواجبات الكفائيّة بين المسلمين ، إذ كما قلنا فإنّ «الحسبة» فرع من فروع الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، حتّى أنّ بعض النّساء كنَّ يُنتَخَبْنَ لهذه الوظيفة ليشرفن على تحركات النّساء الاجتماعيّة.
ونقرأ في «دائرة معارف دهخدا» (فارسي) في بحث «وظائف المحتسب» : «إنّ وظيفة المحتسب ، أوّلاً : الاشراف على إجراء المقررات الشّرعيّة والمنع من ارتكاب
__________________
(١) تاريخ الحضارة الإسلامية «جرجى زيدان» ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ، مع التصرف.