والظّريف هو أنّه جاء في بقية هذه الآية : (وَلَا يُضارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيْدٌ) أي لا ينبغي أن يتضرر كاتب أو شهيد ، فإن وسّعنا مفهوم هذه الآية الّتي وردت في مورد خاص (وهو كتابة وثيقة القرض) أي لو ألغينا الخصوصية وألحقنا بها الموارد الاخرى التي يمكن الاستفادة فيها من موهبة الكتابة لإعانة أفراد المجتمع ، وكذلك عدم إضرار الكتّاب ، وبعبارة أُخرى حفظ حرية القلم ، نصل إلى نكتة مهمّة وصلت إليها البشريّة بعد قرون من نزول هذه الآية ، مع أنّها تواجه مشاكل عديدة في تطبيق ذلك عمليّاً.
* * *
وفي الآية الخامسة ، يذّم القرآن المجيد أولئك الّذين يخالفون الآيات الإلهيّة ، ويحاججهم ويطالبهم بالمبررات المنطقية التي دعتهم إلى ذلك ، يقول عزوجل :
(وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَّذيرٍ).
وبالرغم من أن المراد من الكتب ، الكتب السّماوية ، ولكن ماذكر من موضوع الكتاب ودراسته وتعلمه في هذه الآية إلى جانب إرسال الأنبياء ، وأنّ الكتاب أحد الدليلين المعتبرين ، يكفي لمعرفة أهميّة ودور الكتاب ، ونظير هذا المعنى نجده في سورة القلم ، في مقام المؤاخذة وذم منكري الإسلام والقرآن ، حيث يقول تعالى : (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ). (القلم / ٣٧)
وهذا إشارة إلى أنّ الكتاب يمكن أنْ يكون في عدّة موارد سنداً معتبراً يُستند إليه في الإحتجاج.
والحقيقة أنّ اعتماد القرآن المجيد على مسألة الكتاب والكتابة في مورد الكتب السّماوية للأنبياء سواءً في أمور الدّنيا ، أو في صحيفة الأعمال والمحكمة الإلهيّة ، كلها تبيّن أهميّة هذا الموضوع من وجهة نظر القرآن والإسلام.
* * *