نوع من أنواع إعداد القوى المعنويّة والماديّة والعسكريّة والاقتصاديّة والثّقافيّة ، وخصوصاً وأنّها تؤكد على القوى المتناسبة مع كل زمان ، ويدل ذلك على أنّ المسلمين يجب أن لا يتوانوا ، بل عليهم أن يسعوا جاهدين لتوفير أحدث الأسلحة المعقدة في زمنهم ، بل ويسبقوا الآخرين في ذلك ، ولكن يبقى الهدف الأصلي لهذا الإعداد والاستعداد ليس غزو الآخرين والإعتداء عليهم ، بل هو إطفاء نار الفتنة والحدّ من الإعتداء ، وبعبارة اخرى خنق هجوم الأعداء في مرحلة النّطفة.
ولما كان إعداد المعدات العسكريّة المتطورة والحديثة في قبال الأعداء يحتاج إلى أموال طائلة ، وهذا الأمر لا يمكن بدون اشتراك جميع أفراد المجتمع ، تعقّب الآية الكريمة بهذا المعنى بالقول : (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَىءٍ فِى سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِليكُم وَأَنْتُم لَا تُظْلَمُونَ). (الانفال / ٦٠)
والنّكتة المهمّة هنا هي أنّ الآية اللاحقة لهذه الآية : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ). (الأنفال / ٦١)
فذكر هذه الآية بعد تلك له معنى دقيق وعميق ، وهو تأكيدٌ آخر على روح حب الصّلح والسّلام في الإسلام ، أي أنّ أمر المسلمين بإعداد أفضل أنواع الأسلحة والقوى إنّما هو من أجل تحكيم اسس السّلام والصّلح لا الإعتداء على أحد.
* * *
والآية الرّابعة وفي ضمن التّرغيب في الجهاد ، تقّيد الجهاد أوّلاً بالأهداف المقدّسة ، ثُمّ تؤكد على توحيد صفوف المسلمين ، وهي من أهم عوامل الإنتصار في الحرب مع الأعداء ، يقول عزوجل : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِى سَبيلِهِ صَفّاً كَأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) وعبارة «في سبيله» الواردة في كثير من آيات الجهاد تكشف لنا هذه الحقيقة وهي أنّ الجهاد يجب أن لا يكون من أجل حبّ التسلَّط والإستعمار والإستعلاء وغصب حقوق الآخرين وأراضيهم أو الإنتقام منهم أو اتباعاً للهوى والرّغبات ، بل لابدّ أنْ يكون الهدف هو الحقّ والعدالة وما يوجب رضا الله تعالى فقط ، وتكرار هذا التّعبير في آيات عديدة من القرآن إنّما