الفرص لتضعيف الحكومة الإسلاميّة وزعزعة الأمن الداخلي ، ويأمرهم أن يقفوا أيضاً بوجه الأعداء في الخارج الّذين أشارت الآية إليهم بعنوان الكفار ، يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبىُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغلُظ عَلَيْهِمْ وَمَأواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
وبطبيعة الحال فإنّ الجهاد له معنى واسع ، فكما يشمل المواجهة المسلحة يشمل أيضاً المواجهة الثقافية والاجتماعية والغلظة في الكلام والكشف عن الهويات والتهديد أيضاً ، وعليه فما ورد في الرّوايات عن الإمام الصّادق عليهالسلام : «إن رسولَ اللهِ لم يُقاتِل منافقاً قط» (١) لا ينافي ما جاء في هذه الآية.
ومضافاً إلى ذلك فإن ما جاء في الآية الشرّيفة يعتبر أمراً كلّياً ، فإن لم يتجاوز المنافقون الحدود المعينة لابدّ من مواجهتهم بالأساليب غير المسلحة فقط ، وأمّا إذا كانت مؤامراتهم تشكل خطراً جدّياً ، لم يكن إلّامواجهتهم بالجهاد المسلح وكسر شوكتهم ، كما حدث مراراً في زمن الإمام علي عليهالسلام.
وبتعبير آخر ، فإنّه وإنْ كان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد سلك طريق المداراة واللين مع المنافقين ولكن ، كما وذكر ذلك سيد قطب في تفسير الظلال فإن اللين له مواضع وللشدّة مواضع اخرى ، وإذا لم يتصرف في كل موضع بما يناسبه ، أدى الأمر إلى تضرر الشّريعة والمسلمين ، وعليه فلا مانع من المداراة في شرائط معينة ، واستعمال الشّدّة والخشونة وحتّى الجهاد المسلح في شرائط وظروف اخرى (٢).
* * *
وفي الآية العاشرة إشارة إلى مقام المجاهدين والقوى العسكريّة الإسلاميّة الشّامخ ، وأفضليتهم وامتيازهم على الآخرين ، يقول تعالى : (لَّايَستَوِى الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ غِيْرُ اوْلِى الضَّرَرِ وَالُمجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ بِامْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الُمجَاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣١٩.
(٢) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٥٥.