الإقتتال ، وكما ورد في المثل المعروف «بَدْو القِتال اللّطام» أي الصفعه ، ولذا ينبغي إخماد نار الحرب في مراحلها الأولى.
ومن جهة رابعة ، يستفاد من الآية أنّ كلّ عمل يؤدّي إلى عرقلة عملية السلام والصلح ، إنّما هو عمل شيطاني ، ولم لا يكون كذلك والحال أنّ الحرب نارٌ محرقة تأكلُ كلّ القوى والطّاقات الماديّة والمعنوية البشريّة وغير البشريّة وتحيلها إلى رمادٍ ، وخاصّة في مثل عصرنا الحاضر والذي تكون الحروب فيه أفضع وأكثر تخريباً وخسارة من الحروب السابقة ، وطبقاً للحسابات والاحصائيات فإنّ جبران الخسائر النّاجمة من بعض الحروب تستغرق أحياناً قرناً من الزمن ، وهذا بالنسبة إلى الخسائر المادية فقط ، أمّا الخسائر البشريّة فهي غير قابلة للتعويض والجبران أبداً.
وقد يكون ذلك هو السّبب في أنّ الملائكة اعتبروا أنّ من أهم العيوب في الإنسان هو إراقته للدّماء والحروب المدمرّة ، وذلك عندما قال تعالى : (إِنّىِ جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً) فكان جواب الملائكة : (قَالُوا اتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ). (البقرة / ٣٠) فيتضح أنّه لا عيب أقبح من هذا العيب.
وما ينبغي التّأمل فيه هنا هو أنّ أرباب اللّغة صرّحوا بأنّ «السِلم» و «السَلَم» كلاهما بمعنى «الصّلح» وقد اخذا من مادة «السّلامة» وإن أحد أسماء الله تعالى هو «السلام» ، وذلك لإنّ ذاته المنزهة هي مصدر الصّلح والإستقرار والسّلامة ، وطبقاً لما ورد في «التحقيق» فإنَّ مادة «سِلْم» في الأصل ما يقابل «الخصومة» ولازمها الخلاص من الآفات والبلايا والوصول إلى السّلامة والعافية ، وإنّما سُمي الإسلام (إسلاماً) لأنّه منشأ الصّلح والسّلامة في الدّنيا والآخرة ، (والسُلَّمْ) هو الآلة التي يصل بها الإنسان سالماً إلى النقاط العالية ثم يعود كذلك.
والعجيب أن بعض المفسرين الكبار فسّروا «السِّلْمَ» في هذه الآية بتفسيرات لا تتناسب مع ظاهر الآية.
* * *
وفي الآية الثّانية ، إشارة إلى جماعة من الّذين يحاربون المسلمين ، يقول عزوجل : (وَانْ