معتقداتهم إذا رفضوا قبول الإسلام بعد بيان الأدلة على حقانيته ، وأنّ نعمل ضمن القدر المشترك بيننا وبينهم ، وخير مشترك بين كلّ الأديان السماوية هو أصل «التوحيد» في الذات والصفات.
وحتّى أنصار التّثليث (وينبغي التّنبيه هنا إلى أنّ الإعتقاد بثالث ثلاثة لم يكن موجوداً في عصر المسيح والقرن الأوّل بعده ، كما صرح بهذا المعنى علماء المسيحيّة) فإنّهم يفسرِّون التّثليث بشكل يتلائم مع التّوحيد ، ويسمّونَهُ بـ «الوحدة في التثليث» ، وعلى الرغم من أنّ ذلك تناقض واضح ، ولكنه في نفس الوقت دليل على أنّ هؤلاء يرغبون في بقائهم أوفياء لأصل التّوحيد.
وهذه الدّعوة إلى الحياة السّلميّة المشتركة المستمرة من المعتقدات المشتركة يعتبر في الحقيقة مصداقاً واضحاً «للمجادلة بالّتي هي أحسن» الذي ورد في الآية السّابقة ، ويدلّ بوضوح على أنّ الإسلام لا يرغب أبداً في إجبار أتباع الأديان الاخرى بالقوة على اعتناق الشّريعة الإسلاميّة.
والظّريف هنا ، هو أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله بعد صلح الحديبيّة في السّنة السابعة للهجرة وعندما أرسل كتباً إلى زعماء وملوك الدّول العظمى في ذلك الوقت مثل «المقوقس» ملك مصر و «هرقل» ملك الرّوم ، و «كسرى» ملك إيران ، دعاهم فيها إلى الإسلام ، ذكر هذه الآية المباركة في ذيل تلك الكتب ودعاهم على الأقل إلى الأصل المشترك بين كل الأديان السّماويّة ، أي أصل «التّوحيد» ، ثُمّ العيش بسلام جنباً إلى جنب.
وهذا بنفسه خير دليل على روح السّلام والصّلح في الإسلام والرّغبة في العيش السّليم مع أتباع سائر الأديان السّماوية ، والذي لها جذور منذ عصر النّبيّ صلىاللهعليهوآله.
* * *
وفي خامس وآخر آية من الآيات الّتي ذكرناها في صدر البحث ، إشارة إلى اختلاف مواقف أتباع الأديان الاخرى تجاه المسلمين ، فتتحدث الآية عن كلٍ من هؤلاء بحسب حاله ، يقول تعالى :