فقد كان صلىاللهعليهوآله يدرك جيداً أنّ أهداف النبوة وبعثة الأنبياء وهي التربية والتعليم ، وإقامة القسط والعدل وسعادة الإنسان ورفعته ، غير ممكنة بدون تشكيل الحكومة ، ولهذا السبب فقد بدأ في أول فرصة ممكنة بإرساء اسس الحكومة وذلك بأمر من الله تعالى.
فشكل جيشاً من المهاجرين والأنصار ، وأوجب على الجميع في أي سن كانوا وتحت أي ظروف (باستثناء النساء والأطفال والمرضى والمقعدين) المشاركة فيه ، وكان قسمٌ من تأمين السلاح والمؤونة والدواب لهذا الجيش المتواضع والبسيط على عاتق الشعب ، والقسم الآخر على عاتق الحكومة الإسلامية ، وكلما ازادادت الغزوات والمطاحنات مع الأعداء الشرسين واتّسعت رقعة الحروب أكثر ، ازداد جيش الإسلام رسوخاً وتنظيماً.
ونزل حكم الزكاة ، وتمّ ولأول مرّة تأسيس بيت المال الإسلامي لضمان تكاليف الجهاد ، واحتياجات المحرومين.
ثم نزلت أحكام القضاء والعقوبات المترتبة على الجرائم والتخلفات الواحدة تلو الأخرى ، ودخلت الحكومة الإسلامية مراحل جديدة.
ولو لم يكن للإسلام حكومة ، فما هي ضرورة تشكيل الجيش وبيت المال وكيف يمكن معاقبة المجرمين والجناة إذا لم تكن هناك محاكم.
وقد امتد هذا الوضع على هذا المنوال إلى ما بعد النبي صلىاللهعليهوآله في فترة الخلفاء ، بل وحتى في عهد خلفاء بني امية وبني العباس ، حيث إنّهم كانوا يحكمون باسم خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومع أنّ حكومتهم كانت تتسم بالظلم والخروج عن اطار الشرعية والقوانين الإسلامية ، لكن مهما يكن فهي تعكس هذه الحقيقة وهي أن تشكيل الحكومة الإسلامية يعدّ من المسائل الأولية والأساسية في الإسلام.
والضغوط الموجهة لأئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وثورة الإمام الحسين عليهالسلام ، وولاية عهد الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، وحبس الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، ونفي الإمام الهادي عليهالسلام والإمام الحسن العسكري عليهالسلام إلى سامراء ووضعهم تحت الرقابة خوفاً من الثورة على الحكومة ، كلها تبيّن بوضوح أنّ الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام كانوا يعتبرون تشكيل حكومة