ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصّادق عليهالسلام :
«إنّ اللهَ عَزَّوَجَلّ أدَّبَ نَبيَّه عَلى مَحَبتهِ فقال : وإنَّك لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ ، ثمَّ فَوّضَ إليه فقالَ عَزَّوَجَل : وَما آتاكُم الرَّسولُ فَخذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنهُ فانْتهوا ، وَقَالَ عَزَّوَجَلْ : مَنْ يُطعِ الرُّسولَ فَقَدْ أطاعَ اللهَ ...» (١). فإذن ، القرائن الموجودة في العبارات الواردة في هذا الحديث توضّح بشكل جلي ما المراد من التفويض.
وقد جاء في بعض هذه الروايات أنّه بعد هذا التفويض الإلهي ، مارس الرسول صلىاللهعليهوآله أمر التشريع وشرع بعض القوانين ، منها : أن الله تبارك وتعالى جعل الصلاة ركعتين وأضاف الرسول صلىاللهعليهوآله ركعتين أخريين عليهما (في صلوات الظهر والعصر والعشاء) ، وركعة واحدة في المغرب ، وتشريع الرسول صلىاللهعليهوآله هذا ملازم للفريضة الإلهيّة والعمل به واجب ، كما أضاف صلىاللهعليهوآله على ذلك (٣٤ ركعة أخرى (أي ضعف الفرائض) بعنوان صلاة النوافل ، وأوجب الله تعالى صيام شهر رمضان المبارك ، وقال الرسول صلىاللهعليهوآله باستحباب صيام شهر شعبان وثلاثة أيام من كل شهر ... (٢).
ويلاحظ في أحاديث أخرى واردة في أمر تفويض التشريع إلى الرّسول صلىاللهعليهوآله ، نماذج أخرى من تشريعات الرسول صلىاللهعليهوآله (٣).
وفيما يتعلق بالمراد من «تفويض الأمر» هناك عدة احتمالات بخصوص هذه المسألة ، منها :
١ ـ تفويض أمر التشريع للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله كلياً.
٢ ـ تشريع جزئي في الموارد المحدودة ، وفيها أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله قام بتشريع بعض الأحكام قبل نزول الأحكام الإلهيّة أو بعدها ، وأمضاها الله تعالى.
٣ ـ تفويض أمر الحكومة والتدبير والسياسة وتربية النفوس والمحافظة على النظام.
٤ ـ تفويض أمر العطاء والمنع (فيعطي من بيت المال لمن يرى فيه الصلاح ، ويمنع من لا يرى فيه الصلاح).
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٦٥ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق ، ص ٢٦٦ ، ح ٤.
(٣) للمزيد من التوضيح ودراسة جميع روايات التفويض عليكم بمراجعة كتاب أنوار الفقاهة ، ج ١ ، ص ٥٥٢.