٥ ـ التفويض في بيان حقائق أسرار الأحكام ، أي يبيّن للناس كل ما يرى فيه المصلحة من الأسرار والأحكام ، ولا يفصح عمّا لا يرى فيه المصلحة.
والمعنى الثاني هو المستفاد من مجموع الروايات الواردة في باب التفويض ، وهو أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله قام بالتشريع في موارد محدودة بإذن الله تعالى (ولعلها لم تتجاوز حدود العشرة موارد) ، وأنّ الله تعالى قد أمضى هذا الأمر ، وبعبارة أخرى ، أنّ الله تعالى قد أعطاه هذه الصلاحية في قيامه بالتشريع في بعض الموارد ، ومن ثم أمضاها الله تعالى.
ويستفاد أيضاً من هذه الروايات وبشكل جيد ، أنّ الله تبارك وتعالى ، قد أعطاه هذا المقام لعدّة أسباب :
أولاً : لكي يبيّن عظمة مقامه ومنزلته وبأن تشريعاته من سنخ تشريعات الله تعالى.
والثاني : لكي يمتحن الناس ويرى مدى تسليمهم لأوامر النّبيّ صلىاللهعليهوآله.
والثالث : إنّ الله تعالى قد أيّده بروح القدس ، وأطلعه من خلال ذلك على أسرار الأحكام الإلهيّة.
ومن خلال ماذكرنا ، تتضح لنا عدّة أمور :
١ ـ يُستفاد من مجموع روايات التفويض ، أنّ الله تبارك وتعالى أعطى رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله الولاية على التشريع إجمالاً ، لكي يمتحن طاعة الخلق من جهة ، ولتعظيم المقام الرفيع للرسول صلىاللهعليهوآله وبيان منزلته عند الله تعالى من جهة أخرى.
٢ ـ إنّ هذا التفويض لا يتمتع بصفة الكلية والشمول ، بل يتحقق في موارد محدودة ومعدودة ، ولهذا السبب كان الرسول صلىاللهعليهوآله ينتظر نزول الوحي في الأمور المهمّة الّتي كان المسلمون يسألونه عنها غالباً ، وهذا دليل على عدم شمول التفويض ، وإلّا لما دعت الضرورة إلى أن ينتظر الرسول صلىاللهعليهوآله نزول الوحي ، بل كان بمقدوره أن يشرّع أي قانون يراه ، (فتأمل).
٣ ـ هذا المقام الرفيع أُعطيَ له صلىاللهعليهوآله بإذن الله تعالى ، وإضافة لذلك فإنّ بعض القوانين الّتي شرعها الرسول صلىاللهعليهوآله ، أمضاها الله سبحانه وأقرها ، وبناءً على ذلك فلا دليل على تعدد الشارع