حال دون حال ، وقد يجب لنفس الحدث على كل حال ، فمثله سبب الاستمتاع من حقيقته ، والله أعلم.
والثالث : أن كل أنواع الاستمتاع في الحرمة والحل متصل بالجماع ، وبخاصة في حقوق الأملاك ؛ فعلى ذلك في فسخ الأملاك وتحريمها ، على أنه يبعد أن يكون المرء يستمتع بالمرأة عاما ثم يستمتع بها ولدها ، وكذلك بابنتها دون الفرج ، أو أن يكون من لا يقدر على الإيلاج لعنّة أو جبّ يرتفع عنه الحرمة أبدا ، فيشترى أمّا وابنة ويستمتع بهما أبدا ، وذلك بعيد ؛ فيجب الحرمة من الوجه الذي ذكرت.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ).
يحتمل ذكر الصلب وجوها :
أحدها : يحتمل أن يكون ذكر الصلب ؛ ليعلم أن الحرمة في حليلة الولد كهو في الولد الصلب ، وكذلك الحرمة في حليلة ابن الرضاع كهي في حليلة ابن الصلب ؛ على ما كانت في محارم الرضاع ، وإن لم يذكر : نحو أن ذكر أمّهات الرضاع وأخواته ، ولم يذكر غيرها ، ثم دخل ما دون ذلك في الحرمة ؛ فعلى ذلك هذا.
وقال بشر : دل تخصيص الأصلاب على فسخ حرمة حليلة الابن عن الرضاعة ؛ إذ لا يكون من الرضاع ابن.
قلنا : لو لم يكن من الرضاع ابن لم يكن لذكر الصلب للابن معنى ولا فائدة ؛ دل أنه يكون من الرضاع ابن على ما يكون من النسب ، وأن الحرمة من الرضاع كهي في النسب ، وإن كانوا في الحقوق مختلفين (١) : نحو العتاق ، يعتق بعض على بعض ، ويوجب لبعض في أموال بعض النفقة ، وحقوق بمثلها لا توجب في محارم الرضاع ، وذلك ـ والله أعلم ـ أن الرضاع انتفاع ، والنسب حدوث نفس بعضهم من بعض ، فإذا كان كذلك لم يوجب الرضاع إلا حرمة الانتفاع خاصّة ، وهو الاستمتاع ، وأمّا النسب فهو كون الولد منه ، وحدوث نفسه منه ؛ فأوجب مع ذلك حقوقا ، ولأن في إقرار بعضهم في يد بعض ـ مماليك وعبيدا ـ قهرا وغلبة لم يوجب ذلك ؛ فما لم يحصل لبعضهم قهر بعض ، لذلك كان الجواب ما ذكر.
وقيل : إنه ذكر أبناء الأصلاب ؛ وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم تزوج امرأة زيد بن حارثة (٢) بعد ما
__________________
(١) في ب : مختلف.
(٢) زيد بن حارثة بن شراحيل الكعبي ، سماه النبي صلىاللهعليهوسلم زيدا ؛ لمحبة قريش في هذا الاسم ، وهو من أوائل الذين أسلموا ، شهد بدرا وما بعدها ، وقتل في غزوة مؤتة وهو أمير ، وهو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم. ـ