طلقها ، وقد كان تبناه ، فعابه المنافقون على ذلك ، وقالوا : تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأة ابنه ، فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ)(١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ)
يحتمل قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) وجوها :
يحتمل الجمع بينهما في العقد ، وقد أجمعوا : أنه إذا لم يجمع بينهما بالعقد ولكنه تزوج إحداهما ، ثم تزوج أخرى ، لم يحل (٢) له نكاح الأخرى ؛ دل أنه لم يرد به الجمع في العقد.
أو يحتمل الجمع في الملك ، وقد أجمعوا ـ أيضا ـ : أن له الجمع بينهما في ملك اليمين ؛ فدل أنه إنما أراد الجمع بينهما في الاستمتاع ، وإذا استمتع بإحداهما بنكاح ، ثم فارقها ، لم يحل له أن يتزوج أختها ، والأولى في عدة منه من طلاق بائن ؛ لأن الاستمتاع هو الذي حبسها عن الأزواج ؛ فكان كالجمع بينهما في الاستمتاع ، ولأن المعنى الذي به حرم الجمع في ملك النكاح ، ذلك إذا كانت في عدة منه موجود ، وهو خوف القطيعة فيما بينهما ، والله أعلم.
ولأن (٣) أكثر أحكام الزوجات قائم فيما بينهما : نحو الإسكان ، والإنفاق عليها ، وإلحاق الولد ، وغير ذلك من الحقوق.
وعن على ـ رضي الله عنه ـ أنه سئل عن رجل طلق امرأته ، فلم تنقض عدتها حتى تزوج أختها ، ففرق علىّ بينهما ، وجعل لها الصداق بما استحل من فرجها ، وقال : تكمل الأخرى عدتها ، وهو خاطب.
وعن زيد بن ثابت أنه سئل عن رجل تحته أربع نسوة ، فطلق إحداهن ثلاثا ، أيتزوج رابعة؟ فقال : لا ، حتى تنقضي عدة التي طلق.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ مثله.
واختلف في الجمع بين الأختين من ملك اليمين : عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه سئل
__________________
ـ تنظر ترجمته في : الإصابة : ترجمة (٢٨٩٧) ، أسد الغابة ترجمة (١٨٢٩) ، الاستيعاب : ترجمة (٨٤٨).
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٤٩ ـ ١٥٠) (٨٩٦٠).
وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٤٣) وزاد نسبته لعبد الرزاق في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ، وعزاه لابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج.
(٢) في ب : يجعل.
(٣) في ب : أولا.