وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ).
في الآية دلالة أن الزيادة في المهر جائزة ؛ لأن الفريضة هي التسمية.
فإن قيل : قوله : (فِيما تَراضَيْتُمْ) معناه [قوله](١) : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ...) [البقرة : ٢٣٧] : هو أن تبذل المرأة من مهرها شيئا للزوج (٢) ، أو الزوج لها (٣).
قيل : لو كان ذلك كذلك برضاها ؛ يعني : رضا زوجها ، وقال : (تَراضَيْتُمْ بِهِ) فجعل للزوج في الرضا نصيبا ، ومعناه ـ والله أعلم ـ أن الزوج إذا زاد على المهر فذلك جائز ، فهذا التراضي إنما يكون منهما جميعا في الحالين ، وذلك أصل الزيادة في المهر ، والثمن في البيع ، وأشباه ذلك.
وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يخطب أم سلمة (٤) ويقول : «إن كان إيمانك أن أزيدك فى الصّداق زدتك ، وإن أزدك أزد (٥) النّسوة».
وروي عن على ـ رضي الله عنه ـ قال : زدها ، فهو أعظم للبركة.
وروي عن عثمان وعمار كذلك.
وقد دل الكتاب والسنة وقول الصحابة على جواز ذلك ، فهو الحق ، وعلى ذلك جمهور المسلمين في بياعاتهم وتجاراتهم.
ومن الدليل ـ أيضا ـ على جواز الزيادة في الثمن والمهر وأنها تصير كأنها [كانت](٦) مسماة في عقد البيع ـ : أن رجلا لو اشترى من رجل عبدا بيعا باتّا (٧) ، ثم إن أحدهما جعل لصاحبه الخيار يوما فنقض البيع ـ أن نقضه جائز ، ويصير ذلك كالخيار المشروط في أصل البيع ، وكذلك رجل اشترى عبدا بألف درهم حالّة ، ثم إن البائع أجّل المشترى في الثمن
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : الزوج.
(٣) أخرجه ابن جرير بمعناه (٨ / ١٨١) (٩٠٤٧) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٥٣) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس.
(٤) هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية ، المخزومية ، مشهورة بكنيتها أم سلمة ، هاجرت إلى الحبشة ، ثم هاجرت إلى المدينة ، خطبها النبي صلىاللهعليهوسلم بعد موت زوجها أبي سلمة. روت كثير من الأحاديث. ماتت سنة ٥٩ ه.
تنظر ترجمتها في : الإصابة : ترجمة (١١٨٤٩) ، أسد الغابة : ترجمة (٧٣٤٣) ، الاستيعاب : ترجمة (٣٥٦٥).
(٥) في الأصول : أزيدك أزيد.
(٦) سقط من ب.
(٧) في ب : نباتا.