وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها إذا ذكر لها المتعة قالت : والله ما نجد في كتاب الله النكاح والاستسرار ، ثم تتلو هذه الآية : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) الآية (١) [المؤمنون : ٥].
وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما (٢). فأنكر قوم على عمر ـ رضي الله عنه ـ إقراره أنهما فعلا في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ونهيه عنهما.
لكن الجواب في ذلك كحكم أنه علم بنهي النبي صلىاللهعليهوسلم عن (٣) متعة النساء ، وما نزل فيها من نص القرآن ؛ فكان وعيده لاحقا بمن فعلها لعلمه بأنها منسوخة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) يحتمل الإجارة.
ويحتمل التسريح بالنكاح أنه إذا كان بعد الاستمتاع يؤتيهن كل المهر ؛ لأنه ذكر المهر في النكاح ، والبعض بعد الطلاق ، فبين الكل في هذا ، وأيد هذا التأويل ما كان عليه ذكر المحرمات والإحلال أنه كله بالنكاح ، وكذلك على ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) [النساء : ٢٥] أن كله في النكاح لا في الإجارة وإن ذكر فيه الأجر كما ذكر للإماء ، ولو كان بالإجارة فهو منسوخ بقوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) [النور : ٣٣] كان ذلك إجارة وصف أنه بغي ، ونهوا عن ذلك.
وبقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [المؤمنون : ٥] ذكر أن مبتغى وراء ذلك باغ بهذا لو عرف بحكم الكتاب ، فما ذكرته له ناسخ ، ولو عرف بالإخبار ، فكانت أخبار الإباحة رويت مقرونا بها النهي ، فمن رام الأخذ بطرف منها على الإغضاء عن الطرف الثاني أعطى خصمه الإغضاء عليه بالطرف الثاني والمنع عما قال به.
ثم امتناع الأمة عن العمل على ظهور الحاجة ، ونفور الطباع عن قبول مثله من أحد في المتضادين ؛ فاصبر على الحق.
ثم دل ما روي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : نسخه الطلاق والعدة (٤) ـ أن الأول كان نكاحها يمضي بمضي المدة أبطله ارتفاع أحكام النكاح عنه.
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٨) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، عن ابن أبي مليكة عنها.
(٢) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٥٢) وعزاه لابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب. رضي الله عنه.
(٣) في ب : من.
(٤) تقدم قريبا.