الآية.
وقوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور : ٣٣] أنهن إذا تركن للتعفف ، ولم يكرههن على البغى ـ فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ؛ فهن الحرائر ؛ لأن عذاب المتزوجة إذا دخل بها زوجها ـ الرجم ، ولا نصف للرجم ، وإنما حد الأمة الجلد ؛ فلا يجوز أن يكون المحصنات في هذا الموضع ذات الأزواج ؛ لأن عذاب ذات الأزواج الرجم ، ولا نصف له ؛ دل أنه أراد بالإحصان : الإسلام.
وروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ وسعيد بن جبير (١) ، وجماعة من أهل العلم : أن لا حد على الأمة حتى تتزوج.
وأما عندنا : فإن عليها الحد ؛ لما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أمر بجلد الأمة إذا زنت وإن لم تتزوج ؛ فذلك حجة لقول من قال : إحصانها إسلامها ، وهو ما روى عن أبي هريرة ، وزيد بن خالد ، وشبل ـ رضوان الله عليهم ـ قالوا : كنا عند [رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٢) فسأله رجل عن الأمة تزنى قبل أن تحصن؟ قال : «اجلدها ؛ فإن زنت فاجلدها ...» ثم قال في الثالثة أو الرابعة : «فبيعوها ولو بضفير» (٣).
هذا الخبر يدل على أن الأمة إذا زنت تجلد وإن لم تتزوج.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٤)
أي : وإن تصبروا ولا تتزوجوا الإماء فهو خير لكم ؛ لأن أولادكم يصيرون عبيدا ؛ فهذا يدل على أن قوله : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) ـ كله (٥) على الاختيار ، ليس على الحكم ألا يختار ، [و] لا على أنه إذا فعل لا يجوز.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
يحتمل وجهين :
__________________
(١) سعيد بن جبير الوالبي. أحد الأعلام ، ثقة إمام حجة ، كان شجاعا ، قتله الحجاج بن يوسف ؛ فما عاش بعده إلا قليلا. قتل سنة ٩٥ ه. ينظر : الخلاصة (١ / ٣٧٥) ، التقريب : ترجمة (٢٢٩١).
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : النبي ، عليهالسلام.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٧ / ٣٩٣) باب زنى الأمة ، والبخاري (٤ / ٤٣٢) في البيوع : باب بيع العبد الزانى (٢١٥٢) ، وأطرافه في (٢١٥٣ ـ ٢٢٣٣ ـ ٢٢٣٤ ـ ٢٥٥٥ ـ ٦٨٣٧ ـ ٦٨٣٩) ، ومسلم (٣ / ١٣٢٨) كتاب الحدود : باب رجم اليهود (١٧٠٣).
(٤) قال القاسمي في محاسن التأويل (٥ / ١١٢) قال السيوطي في الإكليل : في الآية كراهة نكاح الأمة عند اجتماع الشروط بقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النساء : ٢٥].
(٥) في ب : كلمة.