عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور : ٣٢] لو لم يملكوهم حقيقة الملك ـ لم يكن لوعد الغني لهم معنى ؛ لأنه لا يقع لهم الغنى أبدا ، وكانوا لا يملكون ؛ دل أنهم يملكون حقيقة الملك وأما عندنا فإنهم لا يملكون حقيقة الملك ؛ استدلالا بقوله ـ تعالى ـ : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) [الروم : ٢٨] أخبر أن ليس لهم فيما رزقهم شركاء مما ملكت أيمانهم ؛ دل أنهم لا يملكون حقيقة الملك.
فإن قالوا : أليس يملكون التمتع في النكاح إذا ملكوا ما منع ـ أيضا ـ أن يملكوا رقاب الأشياء إذا ملكوا؟
قيل : إن السادات لا يملكون من المماليك رقبة ما يتمتع به بالأسر ؛ ألا ترى أن السيدة لا تملك من عبدها التمتع به ؛ دل أن ملك ذلك للعبد خاصة ؛ لذلك ملك ملك التمتع في النكاح.
وأمّا قوله ـ عزوجل ـ : (يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور : ٣٣] بغناء ساداتهم ؛ إذ مقدار ما يطعمون ويشربون مما جعل لهم الانتفاع به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ما ذكرنا من الإذن من أهلهن ، أو لما جعل النهي حفظ الأموال.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِالْمَعْرُوفِ)
قيل : مهر غير مهر البغى ، وقيل : هو المعلوم.
وقوله ـ تعالى ـ : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ)
قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا أُحْصِنَ)
قيل : فإذا أسلمن (١).
وقيل : (فَإِذا أُحْصِنَ) : فإذا تزوجن (٢).
ويحتمل : (فَإِذا أُحْصِنَ) : فإذا بلغن مبلغ النساء.
وقيل : (فَإِذا أُحْصِنَ) أي : عففن (٣) ، وتأويله ـ والله أعلم ـ : ما (٤) ذكره في أول
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٩٣ ـ ١٩٤) (٩٠٧٤) عن ابن عباس ، و (٩٠٧٧) عن السدي. وينظر : البحر المحيط (٣ / ٢٣٢) ، المحرر الوجيز (٢ / ٣٩).
(٤) في أ : كما.