غير محصنات يجوز نكاحهن ؛ فعلى ذلك الأول ، ولو كان الطّول والقدرة مما (١) يمنع جواز نكاح الإماء ـ وجواز نكاح الإماء بمعنى البدل ـ لكان إذا تزوج أمة ولم يكن له طول على نكاح الحرة في ذلك الوقت ، ثم كان الطول على نكاح الحرة ـ يجىء أن يفسد النكاح ؛ لأنه إذا منع الابتداء يمنع القرار في ملكه ؛ فإذا لم يمنع دل أنه ليس على حكم البدل ؛ إذ الأبدال [لا قرار لها ولا ثبات](٢) عند وجود الأصول (٣) ؛ دل أنه ليس عنه ؛ ولكن على الاختيار والتأديب ألا يختار نكاح الإماء على الحرائر والمسافحات على المحصنات ، ولا يختار المشركات على المؤمنات.
فإن قيل : إنكم تمنعون من نكاح الأمة [على الحرة](٤) ، ثم لا تفسخون نكاح الأمة إذا كانت عنده أمة فتزوج حرة.
قيل له : إنما يمنع عن نكاح الأمة على الحرة (٥) لحقّ حرمة الجمع : كالجمع بين الأختين ، وبين المرأة وعمتها ، فأما إذا لم يكن ثمّ جمع لا يمنع ، وهذا ليس بجمع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ)
بإذن أهلهن على ما ذكر الإذن في النكاح بقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ).
ويحتمل ـ أيضا ـ أن يؤتى أجرها وإن لم يأذن له مولاها ، إذا كانت الجارية ممن يحفظ مال سيدها ويتعاهده ؛ إذ الناس يشترون المماليك لحفظ أموالهم وصون أملاكهم ، نحو ما جاء من الوعيد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلّكم راع ، وكلّكم مسئول عن رعيّته ، حتّى العبد عن مال سيّده» (٦).
فإذا كان ما وصفنا ـ لا بأس بأن يدفع الأجر والمهر إليها إذا كانت هي ممن تحفظ ماله وتصونه.
ثم من الناس من استدل بقوله : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) على حقيقة الملك للمماليك ، ويبيح لهم التمتع بالجواري ، وبقوله ـ تعالى أيضا ـ : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
__________________
(١) في ب : فما.
(٢) في ب : الإقرار لها والإثبات.
(٣) في ب : الوصول.
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : الحرمة.
(٦) أخرجه البخاري (١٣ / ١١١) كتاب الأحكام : باب قول الله ـ تعالى ـ : (أَطِيعُوا اللهَ ...) (٧١٣٨) ، ومسلم (٣ / ١٤٥٩) كتاب الإمارة : باب فضيلة الإمام (٢٠ ـ ١٨٢٩).