أي : بإذن ساداتهن ؛ سمّى السادات أهلا لهن ؛ دل أنهن من أهلهم.
وفيه أن للمرأة أن تزوج نفسها إذا أذن لها وليها ؛ [لأن الله ـ تعالى ـ](١) قال (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) [فلو كان أهلهن هم الذين ينكحونهن ـ لم يكن لطلب الإذن معنى.
وفيه أن للمرأة ولاية النكاح ؛ لأنه قال : (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ)](٢) والمرأة إذا كانت [لها جارية](٣) لها أن تزوج من غيره (٤) ، وهذا في النساء أولى لأن الرجل إذا كانت له جارية ـ يستمتع بها ولا يزوجها من غيره ، والمرأة إذا كانت لها جارية هي التي احتاجت إلى تزويج جاريتها ؛ لذلك كان في هذا أولى.
وفيه أن ليس للعبد ولا للأمة أن يتزوج إلا بإذن السيد ، وكذلك روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أيّما عبد تزوّج بغير إذن مولاه فهو عاهر» (٥).
وقال بعض أهل العلم : قوله : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) إذا كنّ مؤمنات ؛ على ما سبق من ذكر الإيمان بقوله : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) لكن هذا وإن كان نهيا عن نكاح الإماء إذا كن غير مؤمنات لم يدل ذلك على فساد نكاحهن إذا كن غير مؤمنات ؛ ألا ترى أن النساء نهين عن تزويج أنفسهن من العبيد ، وذلك مما يشينهن ، ثم لم يمنع ذلك النهي عن التزويج منهم ؛ فعلى ذلك لا يمنع شرط الإيمان فيهن والنهي عن نكاحهن ـ فساد النكاح ولا بطلانه ، وكذلك الرجل نهي أن يتزوج كتابية حرة وهو واجد الحرة المؤمنة. ثم مع ما نهى عن نكاحها ـ إذا فعل ذلك جاز النكاح ؛ فعلى ذلك الأول.
وكذلك قوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) [النور : ٣٢] ذكر الصلاح فيهم ، ثم إذا كانوا على [غير](٦) ذلك الوصف جاز ؛ فكذلك الأول.
وكذلك قوله ـ عزوجل ـ : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ)
ذكر الإحصان فيهن ، ثم لم يصر الإحصان فيهن شرطا في جواز النكاح ؛ لأنهن إذا كن
__________________
(١) في ب : لأنه.
(٢) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) الضمير في غيره يعود على الإذن ، أي : يجوز لسيدة الأمة أن تلى ولاية زواجها بدون إذن أهل الأمة.
(٥) أخرجه الترمذي (٣ / ٤١٩) في النكاح : باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده (١١١١ ، ١١١٢) ، وأبو داود (٢ / ٢٢٨) في النكاح : باب في نكاح العبد بغير إذن سيده (٢٠٧٨) ، وأحمد (٣ / ٣٧٧ ، ٣٨٢) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ١٩٤) وصححه.
(٦) سقط من ب.