الرسل والأنبياء ـ عليهمالسلام ـ والخلاف لهم ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) [الأحزاب : ٣٨] وقوله ـ تعالى ـ : (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣٨].
وقيل : (سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) شرائع الذين من قبلكم من المحرمات والمحللات : من أهل التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وسائر الكتب (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ)
أي : يريد أن يتوب عليكم.
وفي قوله ـ تعالى ـ أيضا ـ : (سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يحتمل : يهديكم تلك السنن ، أي : يبينها لكم أنها كانت ما ذا؟
ويحتمل : (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) بمعنى : جعل تلك السنن هداية لكم.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (مِنْ قَبْلِكُمْ) يحتمل : سنته وسيرته في الذين من قبلكم ؛ لتعتبروا بها.
ويحتمل : سنتهم التي لزموها ، وسيرتهم التي سلكوها بما لها من العواقب ؛ لتتعظوا بها ، والله أعلم بحقيقة ما انصرف إليه مراد الآية ، لكن فيما احتمله ، فههنا موعظة بيناها فيه ، وعلى ذلك معنى قوله ـ عزوجل ـ : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) يحتمل : كل ما به لنا نفع ، أو كل ما بنا إليه حاجة ، أو كل ما علينا القيام به ، أو يرجع ذلك إلى الخاص مما يريد بالآية الإخبار عنه ، وأن الذي علينا النظر فيما قد يفضل البيان عنه ، وفيما أنبأنا عن سنته فيمن تقدمنا مما نرجو به الهداية والشفاء ؛ للقيام بما علينا في ذلك من الحق دون الشهادة عليه ـ جل ثناؤه ـ بالمراد فيها في مخرج الكناية دون التصريح من الموعود.
وقوله ـ تعالى ـ : (لِيُبَيِّنَ) وأن يبين في مفهوم الخطاب فيما جرى به الذكر في هذه الآية واحد ؛ إذ لو كان ذكر «أن» لسبق إلى الفهم غير الذي سبق في هذا على حق العباد من التفاهم ، والله أعلم.
ثم كان معلوما فيما أراد بقوله : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ) أنه لو لم يبين ما أراد بهذا الوعد ولم يهد ـ أنه كان يلحقه الخلف في الوعد ؛ فعلى ذلك فيمن قال : يريد الله أن يتوب عليكم ، و (٢) يريد الله أن يخفف عنكم : لو لم يكن يخفف ويتوب على من أريد بقوله : يتوب ويخفف عنكم ـ يلحقه الخلف في الوعد ، ثم يخالف وصف كافر في حال
__________________
(١) انظر البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٢٣٥).
(٢) في ب : أو.