أنه ممن تاب الله عليه ؛ ثبت أنه لم يدخل في قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)
فإذا ثبت أنه لم يدخل فيه وجب فيه (١) أمران :
أحدهما : أن الإرادة ليست بأمر ؛ إذ قد أمر الكافر بالتوبة.
والثاني : أن كل من لم يتب فهو ممن لم يرد الله أن يتوب عليه ، وهو في قوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] على أن الله ـ تعالى ـ قال في المؤمنين : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] وقال في الكفار : (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٧٦] على التفريق بين الذي في علمه أن يختم مؤمنا ، ومن في علمه أن يختم كافرا ، على أن إرادة الهداية مع إرادة ألا يجعل له الحظ في الآخرة على الموعود ـ خلف ، وإرادة من لا تدبير له في فعله ، ولا يتصل به فعله ـ تمنّ في متعارف الأمر وتشهّ (٢) ، ولا يجوز أن يضاف إلى الله ـ تعالى ـ الإرادة من هذا الوجه ؛ فكان له حق الإرادة وهي التي يوصف بها من فعله الاختيار ثبت أن لله ـ تعالى ـ في فعل العباد فعلا : بحيث فعله يوصف بالإرادة ، وفي ذلك وجوب القول بخلق أفعال العباد.
أو أن يكون المراد من تلك الإرادة ـ إذا (٣) لم تحتمل التمني ، ولا الأمر ـ أن تكون الإرادة [التي تنفي](٤) القهر والغلبة ؛ فيلزم إذا (٥) ثبت نفي القهر ـ الوصف بالإرادة ، وثبت أنه مريد لكل فعل نفي عنه (٦) القهر في وجوده ، وبالله التوفيق (٧).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ عَلِيمٌ)
بما يؤتي [وينفي] ، عليم بما به معاشكم وصلاحكم ، وما به فسادكم وفساد معاشكم ، ونحوه.
(حَكِيمٌ)
وضع كل شيء موضعه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)
__________________
(١) في ب : وجب في ذلك.
(٢) في أ : التشهي.
(٣) في ب : إذ.
(٤) في أ : بنفي.
(٥) في ب : إذ.
(٦) في أ : منه.
(٧) في ب : المعونة.