اجعلني من أهل شفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم فقال : «مه! فقولى : اللهمّ اجعلني من الفائزين ؛ فإنّ شفاعة محمّد صلىاللهعليهوسلم لأهل الكبائر» ثم قرأ : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ ...)(١) الآية.
ثم اختلف في كيفية الكبائر وماهيتها :
فقال بعضهم : ما أوجب الحد (٢) فهو كبيرة : من نحو الزنا ، والسرقة ، والقذف (٣) ، وغير ذلك (٤).
وقال آخرون : الإشراك بالله ، وقتل النفس (٥) التي حرم الله بغير حقها ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، وقول البهتان ، والفرار من الزحف (٦).
وروي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ [أنه سئل عن ذلك؟ فقال : «من أول السور إلى هنا من المحرمات ، فهو من الكبائر (٧).
__________________
(١) قال القاسمي (٥ / ١٢٠) : وعندي أن الصواب هو الوقوف في تعدادها على ما صحت به الأحاديث فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبين لكتاب الله عزوجل ، أمين على تأويله ، والمرجع في بيان كتاب الله ـ تعالى ـ إلى السنة الصحيحة ، كما أن المرجع في تعريف الكبيرة إلى العدّ دون ضبطها بحد كما تكلفه جماعة من الفقهاء ، وطالت المناقشة بينهم في تلك الحدود ، وإن منها ما ليس جامعا ومنها ما ليس مانعا فكله مما لا حاجة إليه بعد ورود صحاح الأخبار في بيان ذلك.
وقد ساق الحافظ ابن كثير هاهنا جملة وافرة منها وجود النقل عن الصحابة والسلف والتابعين.
فانظره فإنه نفيس.
(٢) في أ : العقوبة.
(٣) القذف : لغة ـ : الرّمي بالحجارة ، ثم استعير للقذف باللّسان ؛ لجامع بينهما ، وهو الأذى.
ينظر : تحرير التنبيه : ٣٥١.
واصطلاحا :
عرفه الحنفية بأنه : الرّمي بالزنا.
وعرفه الشافعية بأنه : الرّمي بالزنا في معرض التعبير لا الشهادة ، ويكون للرجل والمرأة.
وعرفه المالكية بأنه : رمي مكلّف ـ ولو كافرا ـ حرا مسلما : بنفي نسب عن أبيه أو جده ، أو بزنا ، إن كلّف وعفّ عنه ، ذا آلة أو إطاقة للوطء ـ بما يدل عرفا ، ولو تعريضا.
عرفه الحنابلة بأنه : الرّمي بالزنا.
انظر : نهاية المحتاج : (٧ / ٤٣٥) ، شرح فتح القدير : (٥ / ٣١٦) ، حاشية الصاوي على الشرح الصغير : (٢ / ٣٩٤) ، الشرح الصغير : (٤ / ١٢٧) ، مغني ابن قدامة : (٧ / ٢١٧).
(٤) أخرجه ابن جرير (٨ / ٢٤٧) (٩٢١٨) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٦١).
(٥) في ب : الأنفس.
(٦) أخرجه ابن جرير (٨ / ٢٣٧) (٩١٨٢ ـ ٩١٨٤) عن ابن سيرين عن عبيدة السلمانى ، وذكره السيوطي الدر (٢ / ٢٦٦).
(٧) أخرجه بمعناه ابن جرير (٨ / ٧٣٣ ـ ٧٣٤ ـ ٩١٧٨) ، عن ابن مسعود ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عباس ، ولعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي.