وعن علقمة (١) أنه قال لامرأته : أطعميني من الهنىء المرىء (٢).
وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال : إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته ثلاثة دراهم من صداقها ، ثم يشتري بها عسلا ، ثم يشربه بماء السماء ، فيجمع الله ـ تعالى ـ الهنىء المرىء والشفاء والماء المبارك (٣).
وفي قوله ـ أيضا ، عزوجل ـ : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) أن النفقة ـ وإن كانت عليه ـ فهي إذا قامت بها في نفسها لا يحرج هو ؛ لأن نفقتها عليها ليست بأعظم من نفقته من مالها إذا تطيبت ، ووصف بالهنىء المرىء بما ربما يستثقل الطبع عن مالها ؛ كراهة الامتنان ، أو بما كان عليه كفايتها ، أو بما جرى من الوعيد الشديد في منع مهرها ، أو بما قد تحتشمه فتبذل له ، أو بما يوهم الطمع في مالها ، والرغبة في النكاح لذلك ؛ فطيبه الله ـ تعالى ـ حتى وصفه بغاية ما يحتمل المال من الطيب.
وفيه بيان جواز معروفها ، وترغيب في حسن المعاشرة بينهما حتى أبقى ذلك بعد الفراق بقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ...) الآية [البقرة : ٢٣٧] ، وذلك أحد ما يورث المحبة والمودة ، أو يديمها ؛ إذ جعل الله بينهما بقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) [الروم : ٢١].
مسألة : في العبد لا يتزوج أكثر من اثنتين :
روي عن عبد الله بن عتبة (٤) ـ رضي الله عنه ـ [أنه](٥) قال : قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : «ينكح العبد اثنتين ، ويطلق اثنتين ، وتعتد الأمة بحيضتين ، فإن لم تحض فشهر ونصف» (٦).
__________________
(١) هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن سلامان بن كهيل الكوفي ، أحد الأعلام ، روى عن أبي بكر وعمر وعلى وابن مسعود وطائفة من الصحابة ، وروى عنه إبراهيم النخعي والشعبي ، وسلمة بن كهيل وغيرهم. مات سنة ٦٢ ه. تنظر ترجمته في : خلاصة الخزرجي (٢ / ٢٤١) ، تقريب التهذيب ترجمة (٤٧١٥).
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٥٥) (٨٥١٦) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢١٣) وعزاه لابن سعد عن علقمة.
(٣) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢١٣) وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب ..
(٤) هو عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلى ، روى عن عمر وعمار ، وروى عنه ابناه : عبيد الله وعون ، كان ثقة فقيها ، مات سنة ٧٤ ه.
تنظر ترجمته في : الخلاصة (٢ / ٧٧) ، التقريب : ترجمة (٣٤٨٤).
(٥) سقط من ب.
(٦) ذكر نحوه السيوطي في الدر (٢ / ٢١٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة عن عمر.