يحتمل أن يكون الآية تفسيرا لما تقدم من قوله : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) ووصف لهم ؛ إذ لا يتكلم بمثله إلا عن تقدّمه.
ويحتمل على الابتداء ؛ كقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ ...) الآية [الزخرف : ٦٩].
ثم يحتمل وجوها :
يحتمل قوله : يبخلون بما عندهم من الأموال ، ويأمرون الناس به ، وهكذا دأب كل بخيل أنه يبخل ويأمر به غيره.
ويحتمل : يبخلون بما عندهم من العلوم والأحكام ، لم يعلّموا غيرهم ، ويأمرون الناس بذلك.
ويحتمل قوله : يبخلون بإظهار نعت (١) محمد صلىاللهعليهوسلم ويأمرون الناس به ؛ ألا ترى أنه قال : (وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي : يكتمون نعت (٢) محمد صلىاللهعليهوسلم [وصفته](٣).
ويحتمل قوله : (وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) [أي : يكتمون](٤) من العلوم والحكمة.
ويحتمل : ما ذكرنا : أنهم يكتمون ويبخلون بما آتاهم الله من فضله من الأموال ، ولا ينفقونها ، وفي ترك الإنفال والتصدق (٥) كتمان ما أنعم الله عليهم ، وعلى ذلك روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من أتاه الله نعمة فلترى عليه» (٦) لعله أراد بقوله : «ترى عليه» أن ينفقها على نفسه ويتصدق بها ويلبسها.
وجائز أن يكون أراد ـ والله أعلم ـ الإنفاق والتصدق على غيرهم ، فعلى ذلك كتمان ما آتاهم الله من الأموال إذا تركوا الإنفاق على غيرهم ؛ لأن من كانت له الأموال لا يترك الإنفال على نفسه.
__________________
(١) في ب : بعث.
(٢) في ب : بعث.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.
(٥) في أ : والصدق.
(٦) أخرجه الترمذي (٤ / ٥١٠ ـ ٥١١) أبواب الأدب : باب ما جاء : إن الله ـ تعالى ـ يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ، (٢٨١٩) ، والحاكم (٤ / ١٣٥) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده». وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.