والله أعلم.
وعلى ذلك أمر الجنب ، واستثناء عابري السبيل ؛ ليكون (١) على فعل الصلاة بالتيمم ؛ فيكون في الآية دلالة التيمم للجنب ، أو المكان فيباح الدخول فيه على العبور فيه بالتيمم أيضا ، فعلى ذلك عندنا الدخول للاغتسال فيه ؛ إذ كان فيه بالتيمم ؛ والله أعلم.
وإذا أبيح للجنب على المنع عن دخول المسجد إلا بالتيمم ؛ فثبت أن التيمم قد جعل له الطهارة ، فله الصلاة به لعذر ، والله أعلم.
ثم في المروي دلالة عمن أمّ في المغرب ب (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) [الكافرون : ١] على طرح اللاءات في حال السكر حتى نزل قوله ـ تعالى ـ : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) ـ أن كلام الكفر في حال السكر لا يكفر صاحبه ؛ إذ خاطبهم باسم الإيمان ؛ فلذلك لم يكن عند أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ كافرا ، على أن المخطئ لما يجرى على لسانه كلمة الكفر لا يصير كافرا في الحكم ، والسكران يجرى على لسانه على الخطأ ؛ دليله ما لا يذكره ، وما كان من (٢) عقد القلب فهو لا ينسى ، وبخاصة المذاهب كلها يختار عن فكر الأسباب ، وعن اختيار الأحق من الأمور عنده إما لحجة (٣) ، أو شبهة ، أو شهوة ، من نحو الإلف بالتقليد ، وحسن الظن ، والذي يكون على ما ذكرت لا يحتمل السهو عنه حتى لا يخطر بباله لو أراد بدعوة عن قريب ثبت أنه كان عن خطأ ، وقد جاء برفع الخطأ.
وأصله : أن اللسان معبر عن الاعتقاد في أمر الدين ، وبخاصة في الكفر الذي يكون بالقلب خاصة بلا استعمال اللسان ؛ فإذا كان مخطئا فهو أمر اللسان دون القلب الذي اللسان عنه معبر ، ومن عبر الكفر باللسان ووصفه لا يكفر إلا بأن يكون يعبّر عن نفسه أنه اعتقده ، فلذلك كان على ما بينا ، على أنه قد يجري بتلاوة القرآن على اللسان بالغلط ما يكفر عليه بالتعمد ؛ فلا يجوز أن يجعل تلاوته للتعظيم ، والإيمان به كفرا ، ثبت بذلك رفع [حكم](٤) الكفر عمن أخطأ في إجرائه على اللسان ، فمثله السكران ؛ إذ هو مخطئ ، والله أعلم.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ـ تعالى ـ : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) :
عن علي [بن أبي طالب](٥) ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : هو أن يكون مسافرا ولا يجد
__________________
(١) في ب : يكون.
(٢) في ب : عن.
(٣) في ب : بحجة.
(٤) سقط من ب.
(٥) سقط من ب.