عين اللمس وهو الجماع ، وكذلك روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : الملامسة ، والمباشرة ، والإفضاء ، والرفث ، والجماع ـ نكاح (١) ، ولكن الله ـ تعالى ـ كنى.
وعن الحسن (٢) ، وعبيد بن عمير (٣) ، وعطاء ، قالوا : الملاسمة : الجماع.
فإن قيل : ما الحكمة في ذكر المرض والسفر والغائط والملامسة إذا كان المراد من ذكرها غيرها؟
قيل : الحكمة في ذكرها هو أن المرض في أغلب أحواله يعجز المرء عن إصابة الماء ، وكذلك السفر في أغلب أحواله يعجز صاحبه عن الماء ، فخرج الذكر على (٤) أغلب الأحوال ، وكذلك من جاء من الغائط ؛ الأغلب أنه إنما يجىء عن قضاء الحاجة ؛ لأنهم كانوا لا يخرجون إلا لقضاء الحاجة ، وكذلك الملامسة من الزوجين ، الأغلب فيها قضاء الوطر والحاجة ، فعلى الأغلب خرج الذكر وإن احتمل غيره ، وهذا يدل على أن الاحتجاج بالظواهر والعموم بحق المخرج باطل ؛ لما لا يجوز لأحد أن يحتج بظاهر هذه الآية أن يقول : على كل مريض ، أو على كل مسافر إلا كذا.
ثم اللمس إن أريد به الجماع ، فهو ممكن لوجهين :
أحدهما : البلية بالقبلة ، واللمس باليدين [من] الزوجين ظاهرا لا يحتمل ألّا يعرف به الرسول والأئمة من فعل العوام ، فلو كان الوصف فيه لازما لا يحتمل ترك إظهار البيان حتى يلزم أكثر الأمة المنكر في فعل الصلاة ، والله أعلم.
والثاني : أن يكون الأمر بالمعروف في كل لمس ومس جرى الذكر به بين الذكور والإناث فهو بحق الكناية عن الجماع ، وكذلك سائر الحروف المحتملة للكناية عنه ؛ من نحو : المباشرة ، والغشيان ، ونحو ذلك ، وبه قال كل من أجاز التيمم للجنب في حق الصلاة من الصحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ والله أعلم.
__________________
ـ بل هو المعنى الحقيقي ، ولكنا ندعي أن المقام محفوف بقرائن توجب المصير إلى المجاز. وأما قولهم : بأن القبلة فيها الوضوء ، فلا حجة في قول الصحابي ، لا سيما إذا وقع معارضا لما ورد عن الشارع ، ويؤيد ذلك قول اللغويين ، أن المراد بقول بعض الأعراب للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن امرأته لا ترد يد لامس ، الكناية عن كونها زانية ، ولهذا قال له صلىاللهعليهوسلم : طلقها.
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣٨٩ ـ ٣٩٢) (٩٥٨١ ـ ٩٦٠١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٩٧) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣٩٢) (٩٦٠٣ ، ٩٦٠٥) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٩٨) وعزاه لابن أبي شيبة عن الحسن.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠) (٩٥٨٤ ـ ٩٥٨٧) وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٩٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في ب : عن.