بطيب ، والطيب ما ينبت ، وأما أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ فإنه قال : الطيب : هو الطاهر الحلال ، له أن يتيمم به إذا عدم الماء ، الطيب : اسم ما [حل في كل نوع](١) من المقصود فيه ، والمقصود في التيمم التطهر ، فهو الطهور والطاهر ، وأيده الخبر الذي ذكر من جعل الأرض طهورا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ)
الأمر يقع بمسح الأيدي على الذراعين دون الكفين (٢) ؛ دليله أمر الوضوء أنه يغسل الذراعان وقت غسلهما بلا غسل كفين ؛ إذ قد تقدم غسلهما ، فالذراعان دخلتا في المسح بذكر اليد ، وكذلك في الوضوء ؛ لأن الكفين يغسلان قبل غسل الوجه ، فالأمر بغسل اليد يقع على الذراعين وما وراء ذلك.
وعن موسى بن عقبة (٣) ، عن الأعرج (٤) ، عن أبي الجهيم (٥) قال : أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غائط أو (٦) بول ، فسلمت عليه ، فلم يردّ على السلام ، فضرب باليد الحائط ضربة فمسح بها وجهه ، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها يديه إلى المرفقين ، ثم ردّ السلام (٧).
وهكذا يقول أصحابنا ـ رحمهمالله ـ بالضربتين : ضربة للوجه ، وضربة للذراعين.
الأصل : أنه إذا قال الله ـ عزوجل ـ في الوضوء : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) : أنه في وقت الأمر يفعل الغسل إلى المرافق غير مخاطب بغسل الكفين على حق غسل الذراع ؛ إذ
__________________
(١) في أ : حمل.
(٢) في ب : الكعبين.
(٣) موسى بن عقبة بن أبي عياش ، الإمام الثقة الكبير أبو محمد القرشي ، مولى آل الزبير ، كان بصيرا بالمغازي النبوية ، وهو أول من صنف في ذلك ، وكان ثقة قليل الحديث. مات سنة ١٤١ ه.
تنظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء (٦ / ١١٤) رقم (٣١) ، تذكرة الحفاظ (١ / ١٤٨).
(٤) الإمام الحافظ الحجة المقرئ ، أبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، أخذ عن أبي هريرة وابن عباس وغيرهما ، وكان يكتب المصاحف. مات سنة ١١٧ ه.
تنظر ترجمته في : سير الأعلام (٥ / ٦٩) رقم (٢٥) ، تذكرة الحفاظ (١ / ٩٧).
(٥) في أ : أبي جهينة : والصواب ما أثبت ، وهو أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة بن عمرو ، الأنصاري ، وحديثه مشهور في التيمم قبل رد السلام.
تنظر ترجمته في : الإصابة : ترجمة (٩٧٠٤).
(٦) في أ : و.
(٧) أخرجه الدارقطني في سننه (١ / ١٧٦ ـ ١٧٧) عن أبي جهيم بن الحارث في كتاب الطهارة : باب التيمم ؛ وذكره الزيلعي في نصب الراية (١ / ١٥٤) وقال : رواه الدارقطني من حديث أبي عصمة عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي جهيم .. الحديث ، ثم قال : أبو عصمة إن كان هو نوح بن أبي مريم ـ فهو متروك.