ويحتمل الآيات : آيات الربوبية له.
ويحتمل الآيات : أعلام رسالة الرسول صلىاللهعليهوسلم ؛ فيكون الكفر بها كفرا بالله.
وقوله ـ تعالى ـ : (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً)
قيل : (نُصْلِيهِمْ) : ندخلهم ، وقيل : (نُصْلِيهِمْ) : نشويهم ؛ يقال : شاة مصلية ، أي :
مشوية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) :
كلما احترقت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ، أي : جددنا لهم جلودا غيرها ؛ ليزدادوا (١) التهابا وإيقادا من غير أن يسكن ألم العذاب ، فهو من حيث التجديد غير ؛ لأن الأولى قد احترقت ونضجت ، ومن حيث العين نفسها هي الأولى ، ألا ترى ما يقال : تبدل فلان ، فإنما يقال من حيث تغيره من لون إلى لون ، لا أن كانت تحولت نفسه وتبدل (٢) من حال إلى حال ؛ فعلى ذلك قوله : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) هي من حيث العين أنها تلك بعينها واحد ، وعلى ذلك البعث بعد الموت ، والإنشاء هو من حيث التجديد غير ، حيث تفانوا وذهبت آثارهم ، ومن حيث الإعادة إلى الحالة الأولى هم بأنفسهم ليسوا بغير ، وعلى ذلك قد سمى البعث خلقا جديدا ، وإن كان بعث الأولى في المعنى.
ثم تكلموا في قوله ـ تعالى ـ : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) قالوا : كيف كان أن (٣) يعذب جلودا لا مأثم فيها ، وإنما المأثم في الجلود التي احترقت ونضجت ، وقالوا : أيدنا فيمن قطع يده وهو كافر ، ثم أسلم ، فمات على الإسلام ، ما حال اليد المقطوعة ، تعذب في النار ، أو تكون مع النفس في الجنة؟ وفيمن قطعت يده وهو مسلم ، ثم كفر ، فمات على كفره ، تلحق النفس أو تكون في الجنة؟
فالجواب لهذا كله : أن الجوارح والأعضاء ليست تعمل ما تعمل بالاختيار والطوع ، ولكنها كالمكرهات والمقهورات في العمل ؛ ألا ترى أن الإكراه عليها يوجب تحويل الفعل منها إلى المكره ، فيجعل كأن المكره هو الذي [قد](٤) فعل ذلك في حق الضمان ؛ فهذا يدل أن هذه الجوارح كالمكرهات والمقهورات لحقت النفس حيث كانت.
ثم معلوم : أن من أسلم في آخر عمره يتمنى سلامة جوارحه التي كانت ذهبت عنه ؛
__________________
(١) في ب : ليزداد.
(٢) في ب : تتبدل.
(٣) في ب : أو.
(٤) سقط من ب.