ومن قال : نزلت في الأمراء ، استدل بقوله ـ تعالى ـ : (أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ؛ لأن الحكم إلى الأمراء.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(١) قال : هي مبهمة ، المؤمن والكافر سواء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ)
من الحكومة بالعدل ، وأداء الأمانات [إلى أهلها](٢)
(إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً)
يحتمل : مجيبا لمن دعا له وسأل ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة : ١٨٦] يجيب لمن [استجاب له](٣) ، وأدى الأمانة.
ويحتمل : (سَمِيعاً بَصِيراً) أي : لا يخفى عليه شيء.
واختلف أهل العلم في العارية (٤) إذا ضاعت :
__________________
ـ والترمذي (٢ / ٥٤٢ ـ ٥٤٣) في أبواب البيوع (١٢٦٤) ، وقال : حسن غريب ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٤٦) وصححه على شرط مسلم ، وسكت عنه الذهبي ، كلهم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا ، وله شاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره (٨ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤) (٩٨٥٠) عن الحسن البصري مرسلا.
(١) قال القاسمي (٥ / ٢٤٥) : وقال السيوطي في الإكليل : في هذه الآية وجوب رد كل أمانة من وديعة وقراض وقرض وغير ذلك ، واستدل المالكية ، بعموم الآية ، على أن الحربي إذا دخل دارنا بأمان فأودع وديعة ثم مات أو قتل ، إنه يجب رد وديعته إلى أهله ، وأن المسلم إذا استدان من الحربي بدار الحرب ثم خرج ، يجب وفاؤه ، وأن الأسير إذا ائتمنه الحربي على شيء لا يجوز له أن يخونه ، وعلى أن من أودع مالا وكان المودع خانه قبل ذلك ، فليس له أن يجحده كما جحده ، ويوافق هذه المسألة حديث : «أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك».
(٢) سقط من ب.
(٣) في ب : استجابة.
(٤) العارية ـ لغة ـ : مشددة الياء على المشهور ، وحكي الخطّابي وغيره تخفيفا ، وجمعها : عوارى ، بالتشديد والتخفيف.
قال ابن فارس : ويقال : لها العارة ، أيضا.
قال الشاعر :
فاخلف وأتلف إنما المال عارة |
|
وكله مع الدّهر الذي هو آكله |
قال الأزهري : هي مأخوذة من عار الشيء يعير : إذا ذهب وجاء ، ومنه قيل للغلام الخفيف : عيار ، وهي منسوبة إلى العارة ، بمعنى : الإعارة ، وقال الجوهري : هي منسوبة إلى العار ؛ لأن طلبها عار وعيب.
وقيل : هي مشتقة من التعاور ، من قولهم : اعتوروا الشيء ، وتعاوروه ، وتعوّروه : إذا تداولوه بينهم. ـ