قال أصحابنا (١) ـ رحمهمالله ـ : لا شيء عليه.
وقال غيرهم : عليه الضمان.
ولأصحابنا ـ رحمهمالله ـ في ذلك عدة حجج :
أحدها : أن المستعير إن لبس القميص ، أو ركب الدابة ، أو حمل عليها ما أذن له في حمله عليها ، وأصابها في ذلك نقصان في قيمتها ـ فلا شيء عليه ، فإذا لم يكن عليه ضمان فيما وقع بها من الضرر والنقص بفعله ، ولبسه ، وركوبه ـ فلا يجب عليه ضمان ما هلك منها بغير فعله.
والثاني : ما روي عن ابن الحنفية ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال : العارية ليس بتبعة ، ولا مضمونة ، إنما هي معروف ، إلا أن يخالف فيضمن.
وروي عن الحسن قال : إذا خالف صاحب العارية ضمن.
واحتج من خالف أصحابنا في ذلك بحديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «على اليد ما أخذت حتّى تردّه» (٢) فالحديث يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يقال : معناه على اليد أن ترد ما أخذت إذا كان قائما عليها رده ؛ ألا ترى أن الوديعة لا تضمن إذا تلفت ، وعليه أن يردها إذا كانت قائمة ، فالعارية مثلها.
__________________
ـ وحاصل الأمر أن العارية : تداول الشيء عارية : أعطاه إياه ، فعل به مثل ما فعل صاحبه على أن يعيده.
انظر : الصحاح (٢ / ٧٦١) ، لسان العرب (٤ / ٦٢٢) عور.
واصطلاحا :
عرفها الحنفية بأنها : تمليك المنافع بغير عوض ، أو هي إباحة الانتفاع بملك الغير.
وعرفها الشافعية بأنها : اسم لإباحة منفعة عين مع بقائها بشروط مخصوصة.
وعرفها المالكية بأنها : تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض.
وعرفها الحنابلة بأنها : العين المعارة من مالكها ، أو مالك منفعتها ، أو مأذونها في الانتفاع بها مطلقا ، أو زمنا معلوما بلا عوض.
انظر : تبيين الحقائق (٥ / ٨٣) ، المحلى على المنهاج (٣ / ١٧) ، مواهب الجليل (٥ / ٢٦٨) ، كشاف القناع (٤ / ٦٢) ، اسهل المدارك (٣ / ٢٩) ، مجمع الأنهر (٢ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦).
(١) ينظر : البدائع (٨ / ٣٨٩٨) ، والاختيار (٢ / ١١٨) والشرح الصغير (٣ / ٥٧٠) ، ونهاية المحتاج (٥ / ١١٩) ، وأسنى المطالب (٢ / ٣٢٨) ، والمغني لابن قدامة (٥ / ٢٢٧).
(٢) أخرجه الترمذي (٢ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥) : باب ما جاء في أن العارية مؤداة (١٢٦٦) ، وقال : حديث حسن ، وأبو داود (٢ / ٣١٨) كتاب البيوع : باب في تضمين العارية (٣٥٦١) ، وابن ماجه (٤ / ٦٤) كتاب الصدقات : باب العارية (٢٤٠) ؛ كلهم من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا بلفظ : (على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه).