[و] عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «على المرء المسلم السّمع والطّاعة فيما أحبّ وكره ، إلّا أن يؤمر بمعصية ، فمن أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة» (١).
وبعد : هذه الآية [و] التي تليها تدل على أن أولي الأمر هم الفقهاء ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ، والتنازع يكون بين العلماء ؛ فكأنه ـ والله أعلم ـ أمر في آية أولي الأمر بطاعتهم ، وأمر أولي الفقه برد ما يختلفون فيه إلى كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم.
والآية تحتمل المعنيين ـ والله أعلم ـ : أن [على](٢) العامة طاعة أمرائهم في أحكامهم ، وعليهم اتباع علمائهم في فتواهم ؛ يبين ذلك قول الله ـ تعالى ـ : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ...) الآية [التوبة : ١٢٢] ، فلو لم يجب على قومهم قبول قول علمائهم ما وجب عليهم إنذار قومهم.
وفي هذه الآية دليل على إبطال قول الرافضة في الإمامة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قال : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فليس يخلو أولو الأمر من أحد ثلاثة أوجه :
إما أن يكون الأمراء ، أو الفقهاء ، أو الإمام الذي تدعيه الرافضة ، فإن كان المعنى في أولي الأمر : الفقهاء أو الأمراء ، ففيه إبطال قول الرافضة : إنه الإمام الذي يصفونه ، ومحال أن يكون ذلك هو الإمام الذي يذكرونه ؛ لأنه قال [الله](٣) ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ، وذلك الإمام عندهم طاعته مفترضة ، وهم بين أظهر المتنازعين عندهم ، ومخالفته كفر في مذهبهم ، فلو كان ذلك كذلك ، لقال ـ والله أعلم ـ : «فردوه إلى الإمام ؛ فإن من خالفه فقد كفر» ، ولكنه ـ عزوجل ـ أمر برد المتنازع إلى كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ؛ فدل على أن قول أحد لا يقوم في الحجة مقام قول الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) قيل : (إِلَى اللهِ) ، أي : إلى كتاب الله ، أو إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم إذا كان حيّا ، فلما مات ، فإلى (٤) سنته.
__________________
ـ ١٤٦٧) كتاب الإمارة : باب وجوب طاعة الأمراء (٣٦ ـ ١٨٨٧) عن أبي ذر بلفظ : «اسمع وأطع ولو لعبد حبشي كأن رأسه زبيبة».
(١) أخرجه البخاري (١٣ / ١٢١) كتاب الأحكام : باب السمع والطاعة (٧١٤٤) ، ومسلم (٣ / ١٤٦٩) كتاب الإمارة : باب وجوب طاعة الأمراء (٣٨ ـ ١٨٣٩).
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) في ب : إلى.