يكن للرد إلى ذلك معنى ؛ ألا ترى أنه قال [الله ـ سبحانه و](١) تعالى ـ : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النّساء : ٨٣] فإنما يستنبط ما فيه ؛ فدل [أن حكم الحوادث](٢) مذكور في هذين : في الكتاب ، والسنة ؛ إذ لو لم يكن الفرج عند النظر والطلب ، لكان لا يفيد الأمر بالرد إليهما معنى.
ثم لا توجد نصوص في كل ما يتلى ، ثبت أنه مطلوب ، وهو يدل على لزوم البحث في استخراج المودع من المنصوص ، والله أعلم.
وفي قوله ـ أيضا ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...) الآية ـ تخصيص المؤمنين على اشتراك الجميع في اللزوم ؛ يخرج على أوجه :
أحدها : على مخاطبة الأشراف والنجباء ، وعلى ذلك أمر الملوك في الأمور ، يريدون اشتراك الرعية وأهل المملكة في ذلك ؛ كقوله ـ سبحانه ـ : (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) [النمل : ٢٩] ، وقال سليمان ـ عليهالسلام ـ : (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا) [النمل : ٣٨] ، وقال فرعون للملإ [: (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا ...)](٣) ونحو ذلك ، فمثله الذي نحن فيه ، والله أعلم.
والثاني : أنهم مما قد عرفوا الأمور والمناهي ؛ فقيل لهم : (أَطِيعُوا اللهَ) وما ذكر ، واعلموا أنهم فيمن أمروا به ونهوا عنه ، ولم يكن من الكفرة علم بالذي يوجهون الأمر (٤) إليهم ؛ فلذلك خص من ذكر ، والله أعلم.
والثالث : أن الكفرة قد أنكرت المعبود والرسول ، فجرى الخطاب فيمن ثبتت لهم المعرفة بذلك ، مع ما يحتمل : أن يكون هذا الخطاب (٥) في الشرائع ، وهي غير لازمة للكفرة (٦) ؛ فلذلك كان على ما ذكرت.
والرابع : ما أدخل في الخطاب أولي الأمر منا ، ولا يلزمهم طاعتهم ؛ لذلك خص المؤمنين ، وكأن المقصود بالآية بيان طاعة أولي الأمر منا ، وإلا كانت طاعة الله ـ تعالى ـ وطاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم بما كان إيمانهم قد ثبت ، ولكن جمعت طاعة من ذكر ؛ ليعلم أن قد يكون بطاعة أولي الأمر طاعة الله ، والله الموفق.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في أ : أن كل ما حكم الحوادث.
(٣) في الأصول : اذهب إلى فرعون وملئه.
(٤) في ب : يوجهون إليه الأمر.
(٥) في أ : أن يكون في هذا الخطاب.
(٦) في أ : في الكفر.