وقيل : (الطَّاغُوتِ) : هو اسم الكاهن (١).
وقيل : (الطَّاغُوتِ) : الكافر.
والطاغوت : هو كل معبود دون الله ـ تعالى ـ وعلى هذا التأويل خرج قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ ...) أي : جاء أهل النفاق يحلفون بالله : أنه لم يرد بالتحاكم إلى ذلك إلا إحسانا وتوفيقا.
وفي الآية دلالة إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وذلك أن قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا) قصدوا أن يتحاكموا ولم يتحاكموا بعد ، فأخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ؛ فعلموا أنه إنما علم ذلك بالله ، لكنهم لشدة تعنتهم وتمردهم لم يتبعوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) أي : أمروا أن يكفروا بالطاغوت ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) [البقرة : ٢٥٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) أي : يزين لهم الشيطان ليضلوا ضلالا بعيدا ؛ أي : لا يعودون إلى الهدى أبدا ، فيه إخبار أنهم يموتون على ذلك ، فكذلك كان ، وهو في موضع الإياس عن الهدى.
وقيل : بعيدا عن الحق.
وقيل : طويلا ، وهو واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ)
أي : إذا قيل لهم : تعالوا إلى حكم ما أنزل الله في كتابه ، وإلى الرسول ، وإلى أمر الرسول (٢) صلىاللهعليهوسلم وسنته ـ (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)
والصدود : هو الإعراض (٣) في اللغة ، والصد : الصرف.
وقال الكسائي (٤) : يقرأ : «يصدّون» بكسر الصاد ، و «يصدون» بضم الصاد.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٠٨) (٩٨٩٢ ، ٩٨٩٣) عن الشعبي ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣١٩) وزاد نسبته لابن المنذر عن الشعبي.
(٢) في ب : رسوله.
(٣) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢١) وعزاه لابن المنذر عن عطاء.
(٤) سبق ذلك في سورة آل عمران آية (٩٩) ، وقرأ في سورة آل عمران الجمهور «تصدّون» ـ بفتح التاء ـ من صدّ يصدّ ـ ثلاثيا ـ ويستعمل لازما ومتعديا.
وقرأ الحسن «تصدّون» ـ بضم التاء ـ من : «أصدّ» مثل «أعد» ، ووجهه أن يكون عدّى «صدّ» اللازم بالهمزة ؛ كقول ذى الرمة : ـ