جماعة تعظيما له ؛ كقوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) [الجن : ١٨] ، وقوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة : ١١٦] ، ونحوه.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاكما وإن لم يحكموه ، ليس معناه ـ والله أعلم ـ : (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي : حتى يرضوا بحكمك [وقضائك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ)
أي : اختلفوا بينهم وتنازعوا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ لا يَجِدُوا (١) فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ)
قيل ضيقا (٢).
وقيل : شكّا مما قضيت بينهم أنه حق (٣).
وقيل : إثما (٤).
ثم في الآية دلالة أن الإيمان يكون بالقلب ؛ لأنه قال ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) أي : في قلوبهم ؛ ألا ترى أنه قال الله ـ تعالى ـ في آية أخرى : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام : ١٢٥] ذكر ضيق الصدر ، وذكر ضيق الأنفس ، وهو واحد ؛ ألا ترى أنه قال [الله ـ عزوجل ـ](٥) في آية أخرى : (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) [المائدة : ٤١] فهذه الآيات ترد على الكرامية (٦) قولهم [؛ لأن الله ـ تعالى ـ قال : (لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) وهم يقولون : بل يؤمنون](٧) ، فيقال لهم : أنتم أعلم أم الله؟!.
ثم قيل : إن الآية نزلت في اليهودي والمنافق اللذين (٨) تنازعا ، فتحاكما إلى الطاغوت (٩).
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) ذكره أبو حبان في تفسيره (٣ / ٢٩٧).
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥١٨ ـ ٥١٩) (٩٩٠٨ ـ ٩٩١٠) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٣) وزاد نسبته لابن المنذر وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد بن جبر.
(٤) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥١٩) (٩٩١١) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٣) وعزاه لابن المنذر.
(٥) سقط من ب.
(٦) الكرامية : فرقة من فرق الخوارج تنسب لابن كرام. ينظر : نشر الطوالع ص (٣٩٠).
(٧) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٨) في ب : التي.
(٩) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤) (٩٩١٥ ، ٩٩١٦) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدرر (٢ / ـ