عمران : ٣١].
وقوله (١) ـ أيضا ـ (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ظاهر مكشوف ، حقيقته أنه يطيعه لطاعة الله ؛ إذ الأمر يطيعه على أنه يدعوه إلى طاعته ، وطاعته إجابته له بما يطيع الله به ، وحكمته أنه لم يجعل مسلك الطاعة عبادة وإن كانت هي لله عبادة ، ولا تجوز عبادة الرسول ؛ فصير الله ـ تعالى ـ طاعته عبادة لله ـ تعالى ـ فاعلم : أن الطاعة قد تكون غير مستحقة لاسم العبادة ؛ إذ قد يسمى لا من ذلك الوجه ، ولذلك جاز القول بمطاع في الخلق ، ولا يجوز بمعبود ، والله أعلم.
وأيضا : فيه شهادة له بالعصمة في كل ما دعا إليه وأمر به ، وإلزام للخلق بالشهادة (٢) له بالصدق في ذلك والقيام به ، أكد بقوله ـ تعالى ـ : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ...) [النور : ٦٣] ، وبقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...) الآيتين جميعا [النساء : ٦٥] ، وذلك الإباء على لزوم طاعته أخوف مخالفة العذاب الأليم ، وأزال عن الواجد في نفسه من قضائه الحرج الإيمان ، ثم ليست طاعته في فعله خاصة ، أو قول ما يقوله ، ولكنّها بوجهين :
أحدهما : اعتقاد كل فعل وقول على ما عليه عنده من خصوص ، أو عموم ، أو إلزام ، أو آداب ، أو إباحة ، أو ترغيب.
والثاني : في الوفاء بالذي منه المراد فيه من أن يفعل كفعله أو يتقي ذلك ، أو يستعمله في حق الإباحة ، أو ما أراد من محله فيه ، يعرف موقع كل من ذلك بالأدلة ، ولا قوة إلا بالله.
وقول من يقول : لا يلزم طاعته في فعله أو يلزم ، كلام بهذا الإطلاق لا معنى له.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)
في أعمالهم وأفعالهم ، فإنما عليهم ما عملوا وعليكم ما عملتم ، ما تسأل أنت عن أعمالهم ، ولا يسألون عما فعلتم ، والله أعلم.
ويحتمل قوله : (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) يطلع على سرائرهم ، إنما عليك أن تعاملهم على الظاهر ، والله أعلم.
__________________
ـ ابن منصور والبيهقي في الشعب عن ابن أبي عمران مرسلا.
(٥) في ب : أموره.
(١) في ب : وفي قوله.
(٢) في ب : الشهادة.