وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ)
قيل : إن المنافقين قد أظهروا التصديق لله ـ تعالى ـ ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا دخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا : يا رسول الله ، أمرك طاعة ، فمرنا بما شئت نفعله ، فإذا أمرهم بأمر ونهاهم عنه خالفوا أمره ، وغيروا ما أمرهم [به] ونهاهم [عنه] ؛ فأنزل الله ـ تعالى ـ على رسوله صلىاللهعليهوسلم : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى ...)(١) إلى قوله ـ تعالى ـ : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ)
قوله : (بَيَّتَ)
قيل : غير ما أمرهم به (٢).
وقيل : (بَيَّتَ) ألف.
وقيل : (بَيَّتَ) أي : قدروا بالليل القول وألفوا ، وكل كلام وقول مقدر بالليل مؤلف فيه ، يقال : بيّت ، ومعناه ـ والله أعلم ـ : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم [...](٣) فهذا ـ والله أعلم ـ معنى قوله : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) وإلا ظاهر هذا ليس على ما قاله أهل التفسير ، وبالله التوفيق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ)
أي : الله ـ تعالى ـ يأمر بإثبات ما يبيتون من القول الكذب والمغير من القول ؛ ليلزمهم الحجة ؛ لأنهم كانوا يسرون ذلك ويضمرونه لا يظهرون إظهارا ليجزيهم جزاء ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)
[يحتمل : أعرض عنهم](٤) ولا تكافئهم [على هذا](٥).
ويحتمل : أعرض عنهم ، ولا تتكلف إظهار سرهم ، ولا تطلع عليه ، إنما ذلك إليّ ؛ لأطلعكم على ما يسرون ؛ ليعلموا أنك إنما عرفت ذلك بالله ففيه دلالة إثبات الرسالة ،
__________________
(١) أخرجه بمعناه ابن جرير (٨ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥) (٩٩٨٣) عن السدي ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥) (٩٩٨١ ، ٩٩٨٤ ، ٩٩٨٥) عن ابن عباس ، و (٩٩٨٠) عن قتادة ، و (٩٩٨٢) عن السدي ، و (٩٩٨٦) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس ، والسدي ، والضحاك ، وعطاء. ولعبد بن حميد ، وابن المنذر عن ابن عباس ، وقتادة.
(٣) كذا بالأصل ، ولعل هناك كلاما سقط ، ولم أهتد إليه.
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : على ذلك ، أي : بعد هذا.