سمعوا ما يحزنهم ويهمهم أظهروه (١) في الناس ؛ حزنا وغمّا (٢) ، ثم استثنى إلا قليلا منهم لا يذيعون ولا يفشون بالخبر ، فلو سكتوا وردّوا الخبر إلى [رسول الله](٣) صلىاللهعليهوسلم حتى يخبر النبي ما كان من الأمر ، أو ردّوه إلى أولي الأمر حتى يكونوا هم الذين يخبرون به ـ كان أولى ، وهو على التقديم والتأخير.
وقال أبو بكر الكسائي : نزلت الآية في المنافقين ؛ وذلك أن المنافقين إذا سمعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخبر عن نصر المسلمين [أذاعوا](٤) إلى الأعداء بذلك ليستعدوا (٥) على ذلك ، وإذا سمعوا أن الأعداء قد اجتمعوا وأعدوا للحرب أخبروا بذلك ضعفة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ ليمتنعوا عن الخروج إليهم ؛ فقال الله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ) حتى كان هو مخبرهم عن ذلك ، أو ردّوا إلى أولي الأمر منهم ؛ ليخبروا بذلك ، والله أعلم.
ثم اختلف في (أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) :
قيل : هم أمراء السرايا (٦).
وقيل : هم العلماء الفقهاء (٧)
(الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
الذين يطلبون علمه بقوله.
وقيل : (أُولِي الْأَمْرِ) ـ هاهنا ـ مثل أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (٨) ، رضي الله عنهم (٩).
__________________
(١) في ب : أظهره.
(٢) أخرجه ابن جرير بمعناه (٨ / ٥٧٠) (٩٩٩٣) ، عن ابن جريج وذكره السيوطي في الدر ٢ / ٣٣٣ وزاد نسبته لابن المنذر.
(٣) في ب : الرسول.
(٤) غير موجود بالأصل وأثبته ؛ لاستقامة المعنى.
(٥) في الأصل : لا أعدوا ، ولعل المثبت هو الصواب.
(٦) ذكره أبو حيان في البحر (٣ / ٣١٨) ونسبه للسدى ومقاتل وابن زيد ، وذكره الرازي في تفسيره (١٠ / ١٥٩).
(٧) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٧٢) (٩٩٩٧) عن قتادة ، وبمعناه عن أبي العالية (٩٩٩٩) ، وابن جريج (٩٩٩٨) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ، ولابن المنذر عن ابن جريج.
(٨) في ب : وعلى.
(٩) قال القاسمي (٥ / ٣٢٥) : وعلى هذا الوجه يحتمل قول السيوطي في الإكليل : قوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ) [النساء : ٨٣] الآية ، هذا أصل عظيم في الاستنباط والاجتهاد ، وقول المهايمي : فلو وجدوا في القرآن ما يوهم الاختلاف ، لوجب عليهم استفسار الرسول والعلماء الذين هم أولو الأمر ، ـ