الأولاد خاصة.
وفيه دلالة نسخ الوصية للوارث (١) ؛ لأنه قال ـ عزوجل ـ : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ ...) إلى قوله : (مَفْرُوضاً) أي : معلوما بما أوجب في كل قبيل.
ثم قال في قوله : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) ، قيل : ذا يرجع إلى ما بين فرضه ، وهو أصحاب الفرائض دون العصبات (٢) ، فيكون على ما أشار إلى حقه من حيث الاسم في القرآن.
ويحتمل ما بين ، وقد جرى فيه ذكر حقين :
أحدهما : حق العصبة ، كما ذكر في الأب والإخوة والأولاد ، وحق أصحاب الفرائض ، ولو كان على ذلك فقد يتضمن الفرض ما يعلم بالإشارة إليه والدلالة ؛ لأن أكثر من (٣) يوصي بحق العصبة هو ما لا نص فيه ، والذي فيه النص هو في الأولاد والإخوة ـ خاصة ـ والوالد.
وقيل : يتضمن كل الأقرباء على اختلاف الدرجات ؛ فيكون منصوصا ـ أيضا ـ ومدلولا عليه ، ويؤيد هذا التأويل قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) ثم بيّن : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) وأولئك هم البعداء الذين لهم أخوة الدين والهجرة ، فإذا بقي في الرحم أحد ـ لم يصرف ذلك إلى المؤمنين ، وقد قدم حقهم على المؤمنين والمهاجرين بالرحم ؛ لذلك هم أولى ، مع ما للإمام صرف ذلك بحق الإيمان إليهم ؛ فيصير الدفع إليهم بحق الجواز ، وإلى غيرهم شك عند قيامهم ؛ فالدفع إليهم أولى لوجهين :
أحدهما : عموم الكتاب على تحقيق حق لكل آية منها ؛ دون إدخال حكم آية في حق آخرين بلا ضرورة.
والثاني : الإجماع من الوجه الذي ذكرت مع اتفاق أكثر الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ والفتوى إلى يومنا هذا.
__________________
(١) اختلف أهل العلم في الوصية للوارث : فذهب بعضهم إلى أنها باطلة وإن أجازها سائر الورثة ؛ كما أن الوصية للقاتل باطلة وإن أجازها الورثة. وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الورثة إن أجازوها جازت ، وبه قال مالك والشافعي ؛ كما لو أوصى لأجنبي بأكثر من الثلث ، وأجازه الورثة ـ جاز.
(٢) العصبة ـ : لغة الأقارب من جهة الأب ، لأنهم يعصبونه ، ويعتصب بهم أي : يحيطون به ويشتد به ؛ قال الأزهري : عصبة الرجل أولياؤه الذكور الذين يرثونه.
وفي الاصطلاح : هو كل من لم يكن له سهم مقدر من المجمع على توريثهم ؛ فيرث المال إن لم يكن معه ذو فرض أو ما فضل بعد الفروض. وهم بنو الرجل وقرابته لأبيه الذين يرثون عنه كلالة من غير والد ولا ولد. ينظر : لسان العرب (٤ / ٢٩٦٥) (٢٩٦٦) (عصب) ، نهاية المحتاج للشيخ الرملي (٦ / ٢٣).
(٣) في ب : ما.