بدله؟ فعلى ذلك لم يغرم بدل نفسه ؛ لأن حرمتهما سواء في دار الإسلام.
ثم اختلف في تأويل قوله ـ أيضا ـ : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ...) الآية ، على الاتفاق أن لا دية فيه لكن الاختلاف في أنه : من يخرج؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن ذلك فيما يقتل على الإغارة ، نحو أن يغار على أهل الحرب وفيهم مسلم : فإنه لا دية فيه ؛ لما أبيحت الإغارة ؛ فيجب على هذا أمران :
أحدهما : أن يكون دفع الكفارة في ذلك أحق من دفع الدية ، ومن حيث كانت الكفارة حق الله بمعنى العبادة أو القربة ، فإذا وقعت الإباحة من عنده فهي في السقوط أحق من الدية التي هي حق العباد ، ولم يرد ممن هي له الإباحة ، فلما أوجبت هي فالدية أحق أن تجب ، فإذ لم تجب بان أنه ليس على ما قدروا.
والثاني : أن يكون لو كان كذلك ، فيجىء أن يكون ذلك فيمن كان من قوم عدو لنا أو لا سواء جعل من حيث الإغارة ، بل إذا صارت الإغارة مباحة ، وإن كان فيهم مسلم ذهب حق النفس من الأمرين جميعا : من الدية ، والكفارة ، [وكذلك الجواب في قوم تترسوا بالمؤمنين أنه إذا أبيح الرمي فيستوي الأمران جميعا من الدية والكفارة](١)
وعلى ذلك اختلف فيمن له القصاص فيما دون النفس ؛ فمات من الاقتصاص : أن لا كفارة في ذلك ، وقد اختلف في الدية ، وعلى ذلك من يقتله ممن لا يحتمل العلم ، وما أوجب من العقل في الوجود بلا دية يوجب أن تكون الدية أحق في الإيجاب من الكفارة ؛ فإذ لم تجب بان أن ليس دفع الدية لما ظنوا.
والقول الثاني : ذهبوا إلى القتيل الذي قومه أهل الحرب أنه لا تجب فيه الدية ؛ بقوله : (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ). ويؤيد ذلك قوله : (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) وأهله عدو لا يحتمل التسليم إليهم بما لنا أخذ أموالهم ؛ فيصير بذلك لنا ، وأما الكفارة فهي بين العبد وبين الله ، فتلزمه ؛ إذ هي في حق التوبة والكفارة ؛ لما في ذلك من معنى الإثم ؛ فيدخل على ذلك ـ أيضا ـ أمران :
أحدهما : إبطال الدية عن (٢) كل نفس لا وارث لها إذا قتل من أهل دار الإسلام في دار الإسلام ؛ إذ لا أهل لها ، وعدم الأهل أكثر من كون الأهل وهم أعداء له ، بل يغرم الذي قتله وقومه لبيت المال ، فعلى ذلك الأول لو كان يجب ، ولكن لم يجب لا لهذا ؛ إذ قد
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) في أ : على.