وروى ابن عباس وزيد بن ثابت وحذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنهم ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم نحو ذلك ، فاتفق على هذه الرواية عن النبي صلىاللهعليهوسلم هؤلاء الجماعة من الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ : ابن مسعود (١) ، وابن عمر (٢) ، وابن عباس (٣) ، وزيد بن ثابت (٤) ، وحذيفة (٥) ؛ كلهم يقولون : إن [رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٦) صلى بإحدى الطائفتين ركعة ، والطائفة الأخرى مواجهو العدو ، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعة ، وإن واحدا منهم لم يقض بقية صلاته حتى فرغ النبي صلىاللهعليهوسلم من صلاته كلها ، فصلى المؤتمون ما بقي عليهم من صلاتهم ؛ وهذا نظرا لما عليه المسلمون جميعا فيما سبقهم الإمام : لا يقضونه حتى يفرغ الإمام من صلاته ، ثم يقضون ما فاتهم ، والأخبار التي جاءت بخلاف ذلك يحتمل أن تكون في الوقت الذي كانوا يقضون الفائتة قبل فراغ الإمام من صلاته ، ثم نسخ ذلك بما توارث الأمة القضاء بعد الفراغ ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) اختلف فيه.
قيل : هم الطائفة التي بإزاء العدو ، يأخذون السلاح ؛ ليكون أهيب للحرب والقتال (٧).
وقيل : هم الطائفة الذي يصلون ، يأخذون السلاح حتى إذا استقبلهم العدو والحرب يقدرون على ذلك (٨).
وقيل : إذا وقع بينهم الحرب فلهم تأخير الصلاة إلى وقت انقطاع الحرب بينهم.
وقال الحسن : يصلي الإمام بكل طائفة تمام الصلاة ؛ لأنه ذكر في الخبر أنه كان يصلي بكل طائفة سجدة ، والسجدة هي اسم التمام ، وهذا جائز في اللغة.
لكن عندنا ما ذكرنا من الأخبار عن الصحابة : عن عمر ، وابن عباس ، وغيرهما (٩) ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ حيث قالوا : صلاة السفر ركعتان ، وصلاة الفطر والأضحى
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٥٥) (١٠٣٧٢) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٧٦) ، وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢ / ٢١٣) في صلاة الخوف كم هي؟ برقم (٨٢٧٣) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٢ / ٥١٠) (٤٢٥٠).
(٥) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٣٥) (١٠٣٣١) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (٢ / ٢١٣) في صلاة الخوف كم هي؟ (٨٢٧٣).
(٦) في ب : النبي عليهالسلام.
(٧) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٤٢) (١٠٣٤٤) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٧٩).
(٨) ذكره ابن جرير في تفسيره (٩ / ١٤٢) ، انظر : البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥).
(٩) في ب : وغيره.