(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً)
فيجزيكم به ، أو كان به عليما : من يفعل الخير ومن لا يفعل الخير ، والله أعلم.
وعن الحسن في قوله : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ، أي : ترغبون عن نكاحهن (١).
وعن ابن سيرين : لا يرغب في نكاحها ؛ لدمامتها ، ولا يزوجها غيره ؛ رغبة في مالها (٢).
وعلى ذلك يخرج قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ ...) الآية ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ...) الآية [النساء : ٣].
وفي قوله ـ تعالى ـ : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) دلالة أن للولي أن يزوج اليتيمة الصغيرة ؛ لأنه لو لم يكن [له] ذلك ـ لم يكن للعتاب على ترك تزويجهن من غيرهم معنى.
فإن قيل : اسم اليتيم يقع على الصغيرة والكبيرة جميعا (٣) ؛ فلعل المراد من اليتيمة : الكبيرة هاهنا ، قيل : هو كذلك ، غير أن الغالب يقع على الصغائر منهن ، والله أعلم.
وفيه دلالة : أن النكاح قد يقوم بالواحد ؛ لأنه قال ـ عزوجل ـ : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ؛ فلو لم يكن له أن يتزوجها ـ لم يكن لهذا العتاب معنى ؛ دل أن (٤) له أن ينكح.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً)
قيل : خافت ، أي : علمت من بعلها نشوزا (٥).
وقيل : الخوف ـ هاهنا ـ خوف لا غير ، فمن قال بالخوف فهو حمل على أن يظهر لها منه جفاء ؛ يجفوها لدمامتها أو لكبرها ، ويسىء صحبتها ؛ لترضى بالفراق عنه ؛ ليتزوج غيرها ، وهو الخوف حقيقة.
وهكذا روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إن سودة بنت زمعة خشيت أن يطلقها النبي صلىاللهعليهوسلم فجعلت يومها لعائشة (٦) ـ رضي الله عنها ـ فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَإِنِ
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٩ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣) (١٠٥٥٩ ـ ١٠٥٦٠) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٤١٠) وزاد نسبته لابن أبي شيبة.
(٢) زاد في ب : وقول ابن سيرين : و «ترغبون» يرغب في نكاحها ؛ رغبة في مالها.
(٣) تقدم في أول السورة.
(٤) في ب : أنه.
(٥) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ٤٨٦) ، وابن عادل في اللباب (٧ / ٥٠).
(٦) أخرجه الترمذي (٥ / ١٣٤) باب سورة النساء (٣٠٤٠) ، وقال : حسن صحيح غريب ، والبيهقي في سننه (٧ / ٢٩٧) ، والطيالسي في مسنده (٢٦٨٣) ، والطبراني في الكبير (١١ / ٢٨٤) (١١٧٤٦).