امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ...) الآية. ثم قال : فهذا الصلح الذي أمر الله. فجعل الخوف ـ هاهنا ـ خشية.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : هي المرأة تكون عند الرجل دميمة ، ولا يحبها زوجها ؛ فتقول : لا تطلقني ، وأنت في حل من شأني (١).
وقيل : (خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً) أي : علمت (٢) ، والعلم هو أن يكون للرجل امرأتان : إحداهما كبيرة أو دميمة (٣) ، والأخرى شابة ، يميل قلبه إلى الشابة منهما ، ويكره صحبة الكبيرة منهما ، ويستثقل المقام معها ، وأراد فراقها ؛ فتقول : لا تفارقني ، واجعل أيامي لضرتي ، أو يصالحها على أن يكون عند الشابة أكثر من عند الكبيرة ، وهو ما روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : هي المرأة تكون عند الرجل دميمة (٤) ، ولا يحبها [زوجها](٥) ؛ فتقول : لا تطلقني ، وأنت في حل من شأني.
فالخوف هو ما يظهر لها من نشوزه قبل تزوج أخرى ـ بأعلام ، والعلم هو ما يظهر من ترك مضاجعته إياها ، وسوء صحبته معها.
وعلى هذين الوجهين روي عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ عن بعضهم :
يكون عند الرجل امرأتان : إحداهما كبيرة ، والأخرى شابة ؛ فيؤثر الشابة على الكبيرة ؛ فيجري بينهما صلح على أن يمسكها ولا يفارقها على الرضا منها بإبطال حقها أو بدونه ، وهو ما روينا من خبر ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن سودة ـ رضي الله عنها ـ جعلت أيامها لعائشة ـ رضي الله عنها ـ خشية أن يفارقها (٦). وكذلك روي عن عمر ، رضي الله عنه (٧).
وروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه أتاه رجل يستفتيه في امرأة خافت من بعلها نشوزا ؛ قال : هي المرأة تكون عند الرجل ؛ فتنبو عيناه من دمامتها أو كبرها ، أو فقرها ، أو سوء خلقها ؛ فيكون فراقه ، فإن وضعت له من مهرها شيئا حل له ، وإن جعلت من أيامها شيئا لغيرها فلا حرج (٨).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٩ / ٢٧١ ـ ٢٧٢) (١٠٥٨٥) ، (١٠٥٨٦) ، (١٠٥٨٨) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٤١١) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر.
(٢) تقدم.
(٣) في ب : ذميمة.
(٤) في ب : ذميمة.
(٥) سقط من ب.
(٦) تقدم.
(٧) أخرجه ابن جرير (٩ / ٢٦٩) (١٠٥٧٩) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٤١١).
(٨) أخرجه ابن جرير (٩ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩) (١٠٥٧٥ ـ ١٠٥٧٨) ، وذكره السيوطي في الدر وزاد نسبته للطيالسي ، وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي.