من أنفسهم الموافقة للمؤمنين في الظاهر ـ فإنهم [كانوا](١) ـ في الحقيقة ـ معهم ؛ فهذا ـ والله أعلم ـ تأويل قوله : (يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ).
قيل : قوله ـ تعالى ـ : (أَيَبْتَغُونَ) على طرح الألف وأنها زائدة ، أي : يبتغون بذلك من عندهم العزة.
ثم يحتمل قوله ـ تعالى ـ : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) وجهين :
يحتمل : العزة : المنعة والنصرة ، وكانوا يطلبون بذلك النصرة والقدرة عند الكافرين.
ويحتمل : ليتعززوا بذلك.
والأصل : أن حرف الاستفهام كله من الله ـ له حق الإيجاب ، على ما يقتضي جوابه من حقيقة الاستفهام ؛ إذ الله عالم لا يخفى عليه شيء يستفهم ، جل عن ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)
أي : [والنصرة والقدرة](٢) كله لله ، من عنده يكون ، وبه يتعزز في الدنيا والآخرة ، ليس من عند أولئك الذين يطلبون منهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها)
قال بعضهم : قوله ـ تعالى ـ : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ـ هو ما ذكر (٣) في سورة الأنعام ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) [الأنعام : ٦٨] ، ثم قال : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٦٩] ؛ لأنه نهاهم ـ عزوجل ـ عن القعود معهم إذا خاضوا في طعن القرآن وآيات الله ؛ فأخبر أن ليس لهم من حسابهم من شيء إذا قعدوا.
ثم قال في هذه الآية : (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) : نهاهم ـ عزوجل ـ عن القعود معهم ، وأخبر أنهم إذا فعلوا ذلك يكونوا مثلهم (٤) ؛ فهو ـ والله أعلم ـ على النسخ : نسخ هذا الأول.
ويحتمل [أن يكون](٥) قوله ـ تعالى ـ : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في أ : القدرة والفطرة.
(٣) في ب : ذكرنا.
(٤) في ب : معهم.
(٥) سقط من ب.