السلام ـ : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [آل عمران : ٥٥] ؛ فأخبر أصحابه ، وقال : أيكم يحب أن يلقى عليه شبهي فيقتل ، ويجعله الله يوم القيامة معي وفي درجتي؟ فقال رجل منهم : أنا يا رسول الله ؛ فألقى الله ـ تعالى ـ عليه شبهه ورفع عيسى صلىاللهعليهوسلم ، فلما أصبح القوم أخذوا الذي ألقى الله عليه شبهه ؛ فقتلوه ، وصلبوه (١).
وقيل : إنه ألقى شبهه على رجل من اليهود.
وقيل (٢) : إنه صلىاللهعليهوسلم لما هموا بقتله التجأ إلى بيت ، فدخل فيه ، فإذا [هم قد](٣) جاءوا في طلبه ، فدخل رجل منهم البيت ليقتله ، فأبطأ عليهم ؛ فظنوا أنه [قد قتله](٤) ، فلما خرج وقد ألقى شبهه عليه ؛ فقتلوه ، وقالوا لما قتلوا ذلك الرجل ، وعندهم أنه عيسى ؛ لما كان به شبهه ، ثم لم يكن ذلك عيسى فلا يمنع أيضا أن ما يشاهد ويعاين أنه ـ في الحقيقة ـ على غير ذلك ، كما شاهد أولئك القوم وعاينوا ، وعندهم أنه عيسى ، ثم لم يكن ، والله أعلم (٥).
ثم الخبر ـ أيضا ـ قد تواتر فيهم بقتل عيسى ، فكان كذبا ما يمنع ـ أيضا ـ أن الأخبار المتواترة يجوز أن تخرج كذبا وغلطا.
قيل : أما الخبر بقتله إنما انتشر عن ستة أو سبعة ؛ على ما ذكر في القصة ، والخبر الذي كان (٦) انتشاره بذلك القدر من العدد ، هو من أخبار الآحاد عندنا.
وأما قوله ـ تعالى ـ : (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
يجوز أن يكون ذلك التشبيه تشبيه خبر أنه قتل من إلقاء الشبه على غيره ، وقتله حقيقة ؛ وذلك أنه ذكر في بعض القصة : أنهم لما طلبوه (٧) في ذلك البيت فلم يجدوه ، ولم يكن غاب أحد منهم ـ قالوا : قتلناه ؛ لأنهم قالوا : إنه دخل البيت ، فدخلوه (٨) على أثره ، فلم يجدوه ـ كان ذلك إنباء عن (٩) عظيم آيات رسالته ؛ فلم يحبوا أن يقولوا ذلك ، فقالوا :
__________________
(١) أخرجه ابن جرير بنحوه في تفسيره (٩ / ٣٧٠) رقم (١٠٧٨١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٤٢٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن مردويه والنسائي.
(٢) في ب : وقيل فيه.
(٣) سقط من ب.
(٤) في ب : يقاتله.
(٥) ينظر : تفسير الرازي (١١ / ٨٠) ، اللباب (٧ / ١١٤).
(٦) في أ : يحتمل.
(٧) في ب : طلبوا.
(٨) في ب : فدخلوا هم.
(٩) في ب : من.